ما أودع الله في أحداقنا بصراً ... إلا لنفرق بين الدر والخرزِ
وكذلك يمر القارئ بمسائل ذات خطر في التاريخ والسياسة إذ ذاك كقول السلطان:(الجركس من الغساسنة فهم عرب) وكالبحث في شروط الإمامة في مجلس السلطان وقول مؤلف الكتاب: فإن لم يوجد من يستوفى الشروط من ولد إسماعيل جاز أن يُولّى واحد من العجم أو من ولد إسحاق. وقوله بعد هذا:
الحمد لله والمنة، الجركس من ولد إسحاق. وجميع هذه الشرائط موجودة في السلطان الأعظم.
بل نجد في الكتاب بحثاً صريحاً في نيابة الغوري عن الخليفة العباسي وهل هذه النيابة لازمة لصحة أحكامه في الأمور الشرعية. ويشتد الخلاف بين المؤلف وأحد العلماء في هذه المسألة فيحقر المؤلف الخليفة ويعظم السلطان، ثم يذهب يستفتي العلماء ويأخذ خطوطهم بأن نيابة السلطان عن الخليفة غير لازمة.
ويرى القارئ أحياناً اهتمام السلطان بتعليم المماليك وإحضارهم معه من حين إلى آخر إلى مجلسه ليقرءوا أمامه ويمتحنهم
وهكذا يجد القارئ في الكتاب مسائل مهمة لا يظفر بها في كتب التاريخ، ويرى صوراً من آراء السلطان وعلماء عصره، ويتبين مقدار اطلاعهم ودرجة تفكيرهم
٢ - الكتاب الثاني: اسمه الكوكب الدري في مسائل الغوري، وهو يحتوي على ألفي مسألة وأجوبتها من المسائل التي وقع البحث فيها في مجالس السلطان الغوري أيضاً. ولدينا الجزء الأول من الكتاب وفيه ألف مسألة في ٣٣٨ صفحة. والنسخة مكتوبة في عهد الغوري. . ويظهر أنها نسخة المؤلف. وعليها خطوط ثلاثة من علماء وقته المعروفين يشهدون بأنهم اطلعوا على الكتاب. وبعض هذه الخطوط مؤرخ بالسنة التي تم فيها كتابة هذا الجزء.
ويقول المؤلف في آخر الكتاب:(وكان الفراغ منه في مستهل شهر ربيع الآخر سنة تسع عشر وتسعمائة).
ويقول في المقدمة: وبعد فإني لما رزقني الله سعادة الدارين وتشرفت مدة عشر سنين بخدمة سلطان الحرمين الشريفين خان الأعظم وخاقان المعظم، مولى ملوك الترك والعرب