والعجم، حافظ بلاد الله، ناصر عباد الله، وارث ملك يوسف الصديق، إمام الأعظم بالحق والتحقيق، مظهر الآيات الربانية، مظهر الأسرار الروحانية، أمير المؤمنين وخليفة المسلمين، الملك الأشرف ذو الفيض النوري، أبو النصر قانصوه الغوري الخ. . . قصدت أن أجمع در فوايد مجلسه في سمط العبارة والكتابة، وأنظم جواهر زواهره في سلك الاستعارة والكناية، لأنه ورد في كلام بعض الأنام: كلام الملوك ملوك الكلام، سيما إذا كان المبحوث عنه تفسير كلام رب العالمين، ونكات أحاديث سيد الأنام عليه الصلاة والسلام، ومباحث سلطان الإسلام الخ. . .
إلى أن يقول: وجمعت شيئاً يسيراً وفاتني منه شيء كثير، فجمعت من بحار فوايده قطرة، ومن شموس محاسنه ذرة، لم أقدر أن أجمع إلا واحداً من ألف بل من مائة ألف. . . فجمعت من المسائل المشكلة ألفي مسألة، وسميته بالكوكب الدري في مسائل الغوري. . .
وفي هذه المقدمة شبه بمقدمة الكتاب الأول، وبعض عباراتهما واحدة، وبين تاريخهما زهاء عشر سنين
وهذا الكتاب ليس مقسماً على المجالس كالكتاب السابق، بل المسائل فيه متتابعة بغير فصل. والمطلع على الكتاب يرى صوراً من أفكار علماء مصر وأمرائها في ذلك العصر. يرى إلى المسائل الدينية وهي معظم الكتاب، مسائل تاريخية، وجغرافية، ويرى انتقال الحديث من تفسير آية أو حديث إلى السؤال عمن بنى الأهرام أو عن سبب زرقة السماء أو السؤال عن كيورث أول ملوك الشاهنامة أكان قبل نوح أو بعده، أو عن شهر المحرم لماذا جعل أول التاريخ الهجري، أو هل الأرض أفضل أم السماء. ويجد القارئ في الحين بعد الحين فكاهة من السلطان أو نادرة، ويعرض في المجالس ذكر الملوك المناصرين والأمراء الذين وفدوا على السلطان كابن السلطان سليم. ويرى بعض الأسئلة الدينية التي سألها هؤلاء الأمراء وجواب السلطان أو بعض علمائه
لا ريب أن هذا الكتاب على تفاهة معظم المسائل التي يدور عليها البحث، يصور بعض النواحي الفكرية والاجتماعية في مصر والعالم الإسلامي، في ذلك العصر