أسلفنا القول في صفة الفالوذج، على ما استنبطناه مما أنهته إلينا نقول الأدب والطرائف، وأدرنا الحديث قبل ذلك في لفظه والوجه في تعريبه كما تعرفناه في نصوص المعجمات وما في حكمها. فبان لنا أن اللغويين مجمعون على أنه معرب، فهو في عديد الألفاظ التي اغتنمت العروبة، وارتضى تجنيسها القُوَّام على الفصاحة.
وبقي أن نعرف: هل وضع العرب لهذه الحلواء اسماً فصيحاً غير اسمها الأعجمي، أو اكتفوا باستعمالهم لهذا الاسم بعد تعريبه وإلحاقه ببنات الضاد؟!
ساق الثعالبي جملة أسماء تفردت بها الفرس دون العرب؛ وقال: إن العرب اضطرت إلى تعريبها أو تركها كما هي، وجعل يعد من هذه الأسماء، فإذا من بينها الفالوذج. وقد نقل السيوطي فصل الثعالبي برمته، ما تعقبه بنقد، ولا استدراك عليه من شيء. فهل يريدنا ذلك على أن نعتقد أن العرب اكتفوا بالاسم الأعجمي، ووقفوا عنده، فلم يضعوا لهذه الحلواء لفظاً تقر به عين الزارين على التعريب مهما تمس إليه الحاجة، الضانين بالجنسية العربية على الدخيل، وإن ملك الألسن، وتراوحت عليه الأحقاب؟!
إن قول الثعالبي ونقل السيوطي خليقان أن يهيئا للباحث هذه العقيدة، ويغرياه بها. ولعل ذلك هو الذي مَهَدَ لعلامة الفقه اللغوي الشيخ أحمد الإسكندري - رضوان الله عليه - أن يقول فيما يستعمل من الألفاظ وما لا يستعمل:(وإذا سبق أن استعمل لفظ أعجمي زمن العرب كالفالوذج الذي عرف من أيام الرشيد، فمثل هذا في الواقع لم يكن من تعريب العرب، بل أطلقه طباخ أعجمي، وسمعه العرب واستعملوه؛ فمثل هذا وفُقِّنا إلى لفظ عربي سهل له، استغنينا عنه، لأن الواضع له في الحقيقة أعجمي لا عربي. . .)
فأما قول العلامة الإسكندري إن الفالوذج ليس من تعريب العرب، فهو قول ينفرد به، ولم أجد من سبقه إليه، بل لقد أصفن اللغويون على أنه معرب، وقد جاء في حديث للنبي صلوات الله عليه، أضف إلى ذلك أن العلماء القدامى ناقشوا في تصريفه، وجادلوا في تعيين حروفه. ولا يأخذ لغوي نفسه بهذا الصنيع، إلا إذا كان اللفظ معرباً أُفسح له في البقاء، فوجب توضيح زيه وشارته التي سيبقى بها في وطنه الجديد. وإن لزاماً علينا أن نشير إلى أن قول الإسكندري إنما جاء في عرض حديث شفوي شأنه الإعجال والإرتجال،