وهو منقول عنه، ومنسوب إليه، لا مكتوب بقلمه، ومثل هذا لا يؤخذ به صاحبه كما يؤخذ الكاتب راجع ما كتب وحققه على نص ما يريد. والرجاء أن نكون بذلك قد أنصفنا ذكرى رجل نعرف له الفضل والبَصارة، وتطوي له النفس على التجلّة والإكبار.
وأما رغبته في البحث عن لفظ عربي، يوضع للفالوذج اليوم جديداً من الوضع، فقد أداه إليها ما علمه وقدمنا بيانه من قول فقهاء اللغة: إن العرب تركوا الفالوذج على ما هو عليه، فأفهم قولهم هذا أنه لم يوضع له في سالف الزمن لفظ فصيح؛ ومن ثم وجب عنده أن نعمد إلى البحث والتفتيش حتى نوفق إلى لفظ عربي سهل، نستغني به عن الاسم الأعجمي، كما توضع اليوم المصطلحات الجديدة للأشياء المستحدثة بالطرق المعروفة من نحو المجاز والنقل والاشتقاق.
- ٦ -
ولقد رصدت عيني منذ عهد ممدود لهذا الشأن فيما أرتصدها له من مباحث الفصحى؛ فتتبعت مواقع الفالوذج في أشتات الكتب، وفتشت عن ألفاظه في أجلاد الألفاظ، واستقريت منها ما راج لي أن أستقري، فتحصل لي من صحاح العربية: اثنا عشر لفظاً، وضعها العرب ليقوم كل منها مقام الفالوذج الأعجمي. ولم أر من المتحققين باللغة من أستوعى هذه الألفاظ، فلاءم بينها بعد الشتات والفرقة، وسوى بها فصلاً من فصول الفقه اللغوي، على نحو ما يصنع الأئمة في المعنى يؤدى بغير لفظ فذ، فقد ظلت هذه الألفاظ في المعجمات اللغوية أباديد، فجعلتها في هذا المعرض فصل من نتاج الاستقراء والتلقط جديد، لم يسبق إليه أحد، فيمن أجد، ولا مسه قلم فيما أعلم.