للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إسماعيل مظهر وفي جماعة يحتذون حذوه اليوم.

أما ما يثيره من اعتراض لتعبيري بالفلسفة الإسلامية عن فلسفة أبن سينا والفارابي وأبن رشد بأن فلسفة المفكرين في الإسلام لم تكن تمت إلى الدين بصلة، وليست إسلامية ولا مسيحية فمرد ذلك التباس في فهم مفهوم عبارتي، فاصطلاح الفلسفة الإسلامية يعني فلسفة الفلاسفة الذين ظهروا في الإسلام، أو بتعبير أدق يعني الجانب الفلسفي من المدنية الإسلامية. وإذاً يكون كل ما يبغيه على اعتراض ساقط بسقوط الاعتراض نفسه

١٠ - يتعجب المناظر الفاضل من تحليلنا الفلسفة الإسلامية إلا أنها تقيد إرادة الله بنظام هذا الكون وسننه. واعتبارنا أنها نتيجة للأثر الإغريقي التي توارثته عن مدارس النساطرة والاسكندريين، والواقع أني حائر صدد هذا التعجب الذي لا أفهم له معنى. ولولا حسن ظني بثقافة مناظري وعلمه لقلت إن مرّده عدم الوقوف كلياً على فلسفة فلاسفة الإسلام خاصة والفلسفة عامة، وإلا فما معنى التعجب من تقييد إرادة الله بنظام هذا الكون وسننه؟

ولولا خشية الإطالة لكنت سمحت لنفسي أن أنقل نتفاً من كتب الفلاسفة أشرح لمناظري الفاضل هذه المسألة، وأظن أن في إمكانه أن يغنيني مشقة هذا النقل بأن يراجع كتب الفلسفة وخصوصاً المطولات منها فيما يتعلق بإرادة الله والخلق والإبداع. .

وهناك أشياء لو ذهبت أعلق عليها وأبين زيفها في ردّ المناظر علينا، لانتهت إلى مقالين آخرين، غير أني اكتفي بما اجتزأته في هذا المقال والمقال الذي سبق ففيه الكفاية لإظهار زيف ما ذهب إليه مناظرنا الفاضل، وإني لأرجو مناظري إن شاء أن يعاود الرد ألا يترك لشاعريته المجال فيصول ويجول ويتدفق على غير أساس علمي أو منهج بيّن، وإلاّ لتعذر النقاش. فها هو لم يخرج في كل رده بما يؤيد وجهة نظره أو يرد على وجهة نظري من الاجتماع والتاريخ

لقد كان المناظر كالشلال الهدّار المتدفق في رده، ولكن كان مردّ هذا طبيعته النفسية، ولهذا كانت تتكسر أمواجه على حقائق الاجتماع والتاريخ فما يفيق من الاصطدام بالواقع الملموس وما تقيمه من حواجز أمامه حتى يعود فيرتد ليتدفق من جديد في اندفاع مردّه كما قلنا طبيعته القوية، ولكن ليصطدم بحقائق الواقع فيرتد لينسبط ويتعرج لآفاق وأودية جديدة، وهكذا. . . ولكن إلى متى أيها الصديق؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>