للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والحب من يغش ركبه ... يساير النجم كل حين

راجع حساب السنين يا ... نجم، فما نحن حاسبين

أبا لألوف احتسبتها؟ ... أم لم تزل تجمع المئين؟

يا سنة أقبلت لنا ... أقبلت ميمونة الجبين

وداعنا فليكن غداً ... كما التقينا. . . أتسمعين

في موكب الحب نلتقي ... وفيه نمضي مودعين

وفي هذه القطعة يتضح المعنى الذي نحن بصدده، فهو يفرض أن الدنيا كلها تسير في موكب السنين العادية، وهما يسيران في موكب وحدهما، وقد تقابل الموكبان صدفة، ثم يدع للنجم أن يعدّ سنيه ويراجع حسابه لنفسه، فما هما بحاجة لهذا الحساب، ولكنه يطلب فقط من هذه السنة التي صادفتهما سائرين في موكب الحب أن تودعهما وهما في هذا الموكب نفسه، وهي كناية طريفة عن الرغبة في دوام الحب واستمراره

وغير هاتين القطعتين كثير متفرق مما يطرق هذا المعنى ويعبر عن هذا الإحساس الذي هو إحدى خصائص غزل العقاد

الحب مطلوب لشوكه كزهره

والحب عند الكثيرين متعة ولذة أو جوى وحرقة، أما هو عند العقاد فقوة من قوى الطبيعة، والشوك فيه كالزهر، والشر كالخير، كلاهما مطلوب لذاته، والألم فيه مقبول لأنه كاللذة عنصر فيه أصيل

ولن ينظر إنسان إلى الحب هذه النظرة حتى يخلص به إلى مرتبة (التجريد) بعد أن يسمو به عن الإحساس القريب المحدود ففي قصيدة (القربان الضائع) يقول:

إله عرش الجمال ما بي ... يقصر عن وصفه خطابي

ما لضحاياي لا أراها ... لديك بالموضع المجاب

ألوم؟ أم لا يلام رب ... يكافئ الحب بالعذاب؟

وكم تجافي إله قوم ... عن سنة العدل في الحساب

يأبى القرابين غاليات ... ويرفع البخس غير آب

فانبذ كثيري فكل حب ... فيه عطاء بلا ثواب

<<  <  ج:
ص:  >  >>