وتكلم الرئيس عن الولايات الوسطى التي تظاهرت بالحياد فقال:(إنها تقيم سداً لا يجوز اختراقه على الحد الفاصل بيننا، ومع ذلك فليس هو بالسد الذي لا يخترق فإنها تحت ستار الحياد تغل أيدي رجال الاتحاد بينما هي تبيح الطريق في غير تحرج للإمداد ترسل من بينهم إلى الثوار، الأمر الذي كانت تستطيع فعله أمام عدو صريح)
ورد الرئيس على دعوى جفرسون دافيز زعيم الولايات الجنوبية الذي يقول إن مبدأ انسحاب الولايات حق يبيح القانون الحرب من أجله. ولقد اعتبر الرئيس هذه الدعوى من لغو الكلام قال:(إن الستار الذي يتسترون وراءه وهو أن ذلك الحق المزعوم لا يستعمل إلا مع وجود مبرر عادل، بلغ من الرقة حداً لا يستحق معه أية ملاحظة، وهم سيكونون الحكم في عدالة ذلك المبرر أو عدم عدالته)
وكان رد الرئيس على جيفرسون من الخطوات التي ارتاح لها أهل الشمال فلقد أشفقوا أن تجد مزاعم جيفرسون سبيلها إلى قلوب الأغرار والإغفال
ثم أهاب الرئيس بالمؤتمر أن يمده بالمال والرجال فهو في حاجة إلى أربعمائة مليون من الدولارات. وأربعمائة ألف من الرجال؛ وسرعان ما أجابه المؤتمر إلى ما طلب في حماسة جعلته يزيد العدد في المال والرجال عما حدده الرئيس. . .
وأيقن الناس في طول البلاد وعرضها، وقد رأوا من صلابة الرئيس وعزمه ما رأوا، أن الحرب سيطول أمدها، فتألفت في البلاد كلها جماعات للنجدة حتى لكأنما نسى الناس أموالهم الخاصة فليس ما يشغل أذهانهم ويستدعي جدهم ونشاطهم إلا هذه الحرب
ولقد تغلغلت تلك الروح في جميع الطبقات: الكوخ والقصر في ذلك سواء، والقرية الحقيرة لا تفترق فيه عن المدينة العظيمة، وأصبح النشيد الذي يتردد على كل لسان ذلك الذي جُعل مطلعه (نحن قادمون إليك يا أبانا إبراهام ستة آلاف من الأشداء. . . نحن قادمون. . .)
والرئيس لا يعرف الراحة ولا يذوق طعمها. يصل إلى مكتبه في الصباح الباكر قبل أن يطرق البيت الأبيض أحد، ويظل هناك حتى يهبط الليل فيقضي طرفاً منه بين أوراقه. . . وامرأته تضيق بذلك وتعلن إليه غضبها، ولكنه في شغل عنها بما هو فيه من عظيمات الأمور، وأنى له في مثل ذلك الموقف بلحظة من هدوء البال. . .