فصالحهم، ثم سيرهم إلى معاوية فبقوا هناك إلى أن انتهت موقعة صفين وعقدة التحكيم.
ولم يكن معاوية بالذي يَفْتُر عن استخلاص مصر وانتزاعها من علي. وزحف عمرو بن العاص على رأس جيش من أهل الشام، وحَميَ القتال بين الفريقين، فوقعت الهزيمة على أهل مصر، ودخل عمرو الفسطاط واختفى محمد بن أبي بكر، فبعث معاويةُ بنُ حديج عدوُّه القديم العيون والأرصاد، حتى اهتدوا إلى مكانه، فقتله أبنُ حديج ثم جعله في جيفة حمار، واحرقه بالنار وكان ذلك في صفر سنة ٣٨ هـ.
وبذلك خلصت مصر لمعاوية، فولاها عمرو بن العاص ولاية مطلقة، وجعلها له طعمة بعد النفقة على جندها، وما تحتاج إليه من ضروب الإصلاح. ولما قتل عليّ بن أبي طالب سنة ٤٠ هـ، وتحولت الخلافة إلى بني أمية، أصبحت الأجناد وأهل الشوكة في مصر شيعة عثمان، بيد أن بقية المصريين ظلّوا يشايعون على بن أبي طالب وأهل بيته، فظل العداء قائماً بين الحزبين في هذه البلاد (وفي غيرها) طوال عهد الأمويين، وفي الصدر الأول من أيام العباسيين.