عتبتها - تفوح حمداً ودعاءً، احتفالاً برسل الأخوة، وقيام الدعوة مرة أخرى إلى (حِطِّين) ثانية!. . آيات من وحي السماء كانت
من يدري، أيها المؤتمرون؟ لعل آيات من وحي السماء كانت تتنزل على شفاهكم حين تكلمت قلوبكم من على المنابر الخاشعة، فخنس - إذا تكلمت - الشيطان، وارتعد الأرعن العجلان، وكبَّرت وهللت - إذا تعاهدتم - الأرض والسماء وملائكة الرحمن!. .
اليوم تأتمرون، وتصلون لأجل فلسطين، يا بقايا السيوف، وأحفاد الفاتحين. .
واليوم تتلفت فلسطين المفجوعة، ترسل النظر الحائر الدامع إلى قبلة الهرم، ترتقب من قاعة المؤتمر ومضة النور، ونفحة القوة، ودعوة الجهاد؛ وجبل النار، جبل النار الذي صهرته الشدائد، وهدته النوازل، وطهرته الدماء، واجتاحته النار ليكون روضة من رياض الجنان، يرتقب اليوم من مؤتمركم قطرات الندى لزهره الذي ذوي، وانبعاث الربيع لربعه الذي أقوى، وانتعاش الحياة في هيكله الذي يضوي.
اليوم، تأتمرون، وتصلون لأجل فلسطين، يا بقايا السيوف، وأحفاد الفاتحين!. .
واليوم، ترنو إليكم - في إسارها ومحنتها - بضراعة المهان، وانكسار الذليل، واستغاثة المصاب، ابنة عم قيدوها عند صخرة المسجد الأقصى، ومهد المسيح
اليوم تمد يديها إليكم، وقد بهرتها الشدائد، وفدحتها المصائب، وأجهدها اللغوب؛ وأبناؤها المدافعون بالأيدي عنها، يتساقطون - والهف نفسي عليهم - بالقرب منها عزلاً واحداً بعد واحد، وزمرة بعد زمرة، مشردين في مجاهل المفاوز، وخوادع السبل، بين شاب كزهر الصبح معفر الوجه - واحسرتاه - بالرمال، وشيخ يلفظ النفس في شعاف الجبال، وطفل يتضور جوعاً في الحصار، وفتاة كالبدر تبكي مروعة في الأسحار، وفارس يصبح ويمسي كل يوم في ميدان، لحافة السماء ومهاده صهوة الخيل، وقوته الأعشاب، يذب عن ثاني القبلتين وأيكة الأنبياء والأقطاب، وخميلة الوحي والإيمان، وعروس الأديان في كل زمان، يذب عن عذارى العرب المروعات، يذب عن الأعراض والحرمات، يذب عن الشرف العربي خشية أن يهان، يذب واهباً لله نفسه، والوطن روحه، والعروبة ماله، فاتحاً ذراعيه للقاء العرائس الملوحات له من وراء النظر وقد فتحن له باسمات مزغردات أبواب الجنان، ففاحت عطورها، وتضوعت زهورها، وهبت نسائمها، وصدحت طيورها، وكبرت وهللت