ثم ما كان أعظم الرئيس حين كان الفقراء يستوقفونه في الطريق فيقف ليستمع إليهم وليكلمهم كأنه أحدهم، فلا ترفع ولا كبرياء. ولن يستنكف الرئيس أن يطيل الحديث أحياناً عله يستطيع أن يكفكف بكلامه شيئاً من دموعهم ويخفف بالعطف عليهم بعض آلامهم. . . ولئن كانت هل حيلة إلى أجابتهم إلى ما سألوا فما هو عن ذلك بضنين
ولقد كان ينكر عليه مسلكه هذا بعض موظفي البيت الأبيض. . ولكنهم حين كانوا يزعمون أنه لا يليق ذلك بمن كان في مثل مركزه كان يغيب عنهم أنه لا مسلك غيره لمن كان له مثل قلبه. على أنهم لم يلبثوا أن أكبروا الرئيس وأعجبوا بخلاله، وأصبحوا لا يرون أي مأخذ عليه، وأصبح من المناظر المألوفة عندهم أن يدخل أحدهم ببطاقة للرئيس فيراه ينهض بنفسه إلى خارج الحجرة يلقي مرسلها مرحباً ضاحكاً. . . أو أن يروه يأتي بنفسه إلى الحاجب فينهره حين يسمعه يمنع طالبي الدخول عليه. . .
أما الوزراء وكبار الموظفين وقواد الجيش فقد اعتادوا أن يروا الرئيس يسعى إليهم أحياناً بدل أن يدعوهم إليه. . وكثيراً ما كان يلتفت الواحد منهم فإذا حاجبه مقبل يعلن إليه أن الرئيس على السلم أو في طريقه إليه
ويدخل الرئيس فيجلس إلى مرؤوسه يستفهمه عما يريد وينصت إليه؛ فان كلمه مرؤوسه في أمر فني كلام الأخصائي، لا يستنكف الرئيس أن يستوضحه وكأنه منه التلميذ حيال أستاذه؛ ويعجب المرؤوسون من هذا الرجل الذي لا يدعي أبداً العلم في أمر يجهله، والذي يفهم ما يُبَيَّنُ له في فطنة وسرعة
ماجت واشنجطون بالمتطوعين حتى أصبحت المدينة معسكراً عظيماً، ولكن الرئيس يعوزه القواد. . . وإنه ليطيل التفكير فيمن عساهم أن يصلحوا للقيادة في هذا النضال الهائل. . إن على رأس القوات الآن القائد سكوت ولكنه شيخ كبير ناهز الخامسة والسبعين، والموقف يتطلب قائداً فتياً يبث من روحه في قلوب جنده ويمشي بهم إلى النصر. . . ألا ليت القائد لي لم يرفض ما عرض عليه، ولكن بئس ما فعل لي فلقد أنضم إلى الثائرين وأصبح ن أكبر قوادهم
فكر الرئيس وتدبر. وأخذ يقلب الأمر على وجوهه والرأي العام من حوله يزيد موقفه