للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فله بذلك في الناس منزلته وخطره، وله في قلوب الساسة وأولي الرأي نفوذ كبير

ولن يقل فريمونت عن ماكليلان اعتزازاً وترفعاً، فهو يحيط نفسه بفرقة من الحرس، ويرقي بعض الجند دون أن يرجع إلى الرئيس وهو بحكم مركزه القائد الأعلى لقوات الدولة. . . وكذلك يتباطأ فريمونت في الرد على البريد القادم من العاصمة. . . ولن يقف الأمر عند ذلك، بل تأتى الأنباء أن فريمونت ينوي إقامة اتحاد ثالث في الجهات الشمالية الغربية

ولكن الرئيس لا يصدق هذه الأنباء فهو واثق قبل كل شيء من إخلاص الرجلين لقضية الاتحاد، وإلا فما كان ليضعهما حيث وضع مهما يكن من الأمر

وأحاط فريمونت نفسه أول الأمر بجو من السكوت، ولكنه ما لبث أن أذاع قرارا خطيرا اهتز له الرئيس وتبرم منه وضاق به، وذلك أن القائد أنذر أهل مسوري في أخر شهر أغسطس عام ١٨٦١، أي بعد قيام الحرب بنحو أربعة أشهر أنه ينفذ قوانين الحرب في الولاية، ولذلك فهو يحدد منطقة يجعلها محرمة، يعدم كل من يحمل السلاح فيها ضد حكومة الاتحاد وكذلك يعلن القائد أن كل من تحدثه نفسه بالثورة من أهل الولاية جميعاً يكون جزائه مصادرة أملاكه وتحرير عبيده إن كان له عبيد. . .

ارتاع لنكولن للقرار وتربد وجهه وأوشك أن ينفذ صبره، وكان يلاحظ من يرونه غداة هذا القرار علامات الهم الشديد على محياه، ولكنهم كانوا كذلك يلمحون إمارات العزم والصلابة ودلائل الحزم والثبات

انزعج الرئيس لإثارة مسألة العبيد في تلك الآونة، فلقد جعل مبدأ الحرب من أول الأمر المحافظة على الاتحاد، حتى تكون قضية دستورية لا عيب فيها، وبذلك تجد سبيلها إلى القلوب وتستنهض الهمم بما تثيره عدالتها من حماسة ولا تدع سبيلاً لأحد أن يتهم أهل الشمال بأنهم أوقدوا النار ما أجل أغراضهم وعواطفهم في مسألة العبيد. . . وكذلك كان يتحاشى الرئيس إثارة تلك المسألة حتى لا تثور الولايات المحايدة وتنظم إلى أهل الجنوب، ويفقد الرئيس كل أمل في ضمها إلى جانبه، ومن تلك الولايات مسوري نفسها فقد كان فيها كثير ممن يقتنون العبيد، وأهم منها وأعظم خطراً كانت ولاية كنتولي التي ينتمي إليها الرئيس منذ نشأته، فلقد بذل الرئيس كل ما في وسعه للمحافظة على مودة أهلها لتنضم إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>