للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المجتمع الذي لم يضمن بأنفاق الملايين من الجنيهات على مدارسه في سبيل الانتفاع بمجهودات أبنائها

إزاء كل ذلك لم أجد بداً من هذا البحث الذي أنشره في الرسالة تباعاً واضعاً فيه نتائج بحثي وعصارة تجارب حياتي تلميذاً ومدرساً وناظراً بعد جهاد طال أكثر من خمسة عشر عاماً بيني وبين أنصار القديم كنت فيه هدفاً لسهامهم نظراً لما كنت أتمتع به في كتاباتي وأقوالي من حرية الرأي التي نشأت عليها. وهأنذا اليوم أتقدم بالصراحة التي عرفت بها إلى أمتي العزيزة وعلى رأسها عنوان الشباب وقوة العزيمة مليكها المحبوب المتفاني في حبها المتحمس لنفعها وخيرها - بخطط جديدة للإصلاح متمشية مع الروح الجديدة في عالم التربية متضمنة لأحسن الآراء والمذاهب من غير أن أتعرضللتفصيل، ليمحص تلكم الآراء ذوو العقول والأفكار الناضجة في سبيل تنفيذ الصالح منها. ولست أدعي أن الخطط الجديدة التي تضمنها هذا البحث كلها سليمة لا غبار عليها، لأني أعتقد أني لست معصوماً من الزلل، ولكني أقرر أنني بحثتها ومحصتها وأعتقد أن الأخذ بها ينقل عالم التعليم والتربية عندنا من حال إلى حال، لأنه يمنح المدرسة الحياة الحرة المستمدة من حياة مصر الحرة، كما يضع أمامها هدفاً تسعى إليه عن طريق العمل المفيد المثمر. إذ أنها بحالتها الحاضرة تنبو عن أصول التربية والتعليم، كما تتجافى مع الآراء الحديثة فيهما. ولا تتنافى فقط مع ما يجري في مثلها من البلاد الأخرى، بل تتنافى أيضاً مع ما يقع في بلادنا بين سمعنا وبصرنا في المدارس الأجنبية. فلا يليق باستقلالنا ونهضتنا وحريتنا أن تبقى المدرسة أسيرة لروح التمسك بالقديم. تلك الروح التي قد اضطررت للتنديد بها لما رأيته من وقوفها حجر عثرة في طريق الإصلاح حباً في الراحة والاطمئنان، أو احتفاظاً بالنفوذ والسلطان. ولو أن المسألة وقفت عند هذا الحد لهان الأمر، ولكنها تعدت إلى الأضرار بمصالح الملايين من فتيان هذه البلاد وفتياتها، بل إلى المساس بمصالح أمة يخشى على نظامها الاجتماعي من الانهيار. من أجل ذلك تقدمت راضياً بتحمل كل تضحية، راضيا ببذل كل مرتخص وغال في سبيل مصلحة بلادي وإخلاصي لمليكي، بالعمل على إنقاذ هذا الوطن من خطر العطل المحدق به والذي شعر به الجميع، وخشيه الجميع، وأشفق على مصر منه الجميع، راجياً ألا تذهب صرختي هذه أدراج الرياح كما ذهبت صيحاتي السابقة. آملا أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>