للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الأمة التي في عبقريتها وجوهر، تخلق ذاتها، وتوجد نهضتها بهذه الذات، وتختار بفضل تفكيرها وجهودها نوع الأنظمة الذي يوافق طبيعة إقليمها ويلائم مستوى شعبها الفكري والعقلي والأخلاقي. فهي إذن في غنى عن تقليد هذا النظام وذاك المنهاج، وهي في غنى - إذا كانت شروط العبقرية متوفرة لديها - عن اتباع النظم الدكتاتورية التي خلقت الحرب الكبرى وجودها في بعض أمم الغرب.

ولست أعتقد أن سمة التقليد هي سمة الأمة العربية التي برهنت وتبرهن الآن في أجل وأقدس بقعة من بقاعها على أنها أمة فيها نبوغ وفيها عبقرية.

أمتنا شبيهة بتلك النفس المضطربة الحيرى التي تحس في أعماقها بحاجتها إلى الصديق العالم المخلص العطوف الذي يحنو عليها برفق ليسير بعقله حقيقتها، ويملك بقوة (سيكولوجيته) كل ناحية من نواحي خلقها ونفسيتها، ويحبها بقلبه وجوارحه حباً عميقاً صادقاً لا يخالطه زيف يحوجه إلى سلوك طرق النفاق والتدجيل.

ويوم يعلن لها ضحاه وجود هذا الصديق تستطيع هذه الأمة التعسة أن تنام قريرة العين، لأنها سوف تستودع آمالها وأمانيها في قلب وفي أمين، تعلو به مشاعره النبيلة عن الخيانة والكذب، ويرتفع عن استعمال أحط الطرق والوسائل في سبيل خدعها والسخر منها

فلك طرزي

<<  <  ج:
ص:  >  >>