مدبر فنادى بالتوحيد، وكان إيماناً جميلاً أن يبدأ ملك (كان ينتظر أن تسيطر أبهة الملك المادية على قوى تفكيره) بالطبيعة وينتهي للخالق
ونظر إبراهيم إلى الكواكب وكان قومه يعبدونها فرآها تأفل فشك في أن تكون رباً له، وكان شكه داعياً لإيمانه فقال في ذلك تعالى:(فلما جنَّ عليه الليل رأى كوكباً قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين)
ونظر الأعرابي في الصحراء إلى ما أحاط به من شمس وقمر ونجوم فداخله الشك (وهو الساذج) في أن تكون معبوده وإلهه، أو تكون مطلقة التصرف في شئون نفسها. وهذه الشمس، وهذه النجوم تغرب، وها قوم يموتون فلا يعودون. فمن يطلع الشمس ويغربها، ومن يسطع النجوم ويعزبها، ومن يذهب بأولئك فلا يعيدهم؟ أذلك الصنم في معبد الأعرابي؟ أم تلك الأسطورة عن زفس وأبلون في مخيلة اليونان؟
هذا الشك بدأ في الشرق وانتهى أهلوه إلى الخالق عن هذا الطريق. فأصول الشك وجدت في الشرق قبل أن يعلمها الغرب بآلاف السنين. وهذا الشك كان أهم الأسس التي قامت عليها النهضة الأوربية الحديثة. وبعد هذا فما الشرق وما الغرب؟ ومن صاحب الخالق الواحد، ومن صاحب الآلهة التي تقتتل؟ وأين العقلية العلمية بينهما؟