للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا لعمري بل يكذب الخير وال ... شر وتعفو معالم الأنبياء

ويقول الزمان قولا فإني ... مرسل قوله مع الأصداء:

أنت لي أنذر الزمان بِشرِّ ... أم مضى هاتفاً مع البشراء!

أنت لي أضمرت نَياتُك حباً ... أم طوت سرها على البغضاء!

إن لي فيك يا بنية حقاً ... فوق حق الهوى وحق الدماء

مزجت في قرارة الحب نف ... ساناً وسيطت أيامنا في وعاء

وترائيت لي بقلب ولب ... من وراء الحياء والكبرياء

من مِن الناس قد تذوق منك الع ... يش صفواً والعيش جم الشقاء؟

من مِن الناس قد توسم فيك ال ... حسن نوراً والحسن من ظلماء؟

من مِن الناس قد أحبك حبيب ... ك ومن منهم ازدراك ازدرائي

من مِن الناس قد رأى خير ما في ... ك وأخفى ما فيك من أدواء؟

من جمال ومن ذكاء ومن غد ... رٍ ومن صدق شيمة ورياء؟

هذه أنت لا تزالين لي وحد ... ي - جميعاً - لا تظهرين لراء

يعرف العارفون منك لماماً ... بعض ما قد عرفت من سيماء

فلهم منك صورة وأحا ... ديث ولي منك لب ذاك الطلاء

هذه أنت لا فؤادك خاف ... عن عيناي ولا ودادك ناء

إن يطل بيننا النوى فالتلاقي ... من ندائي بموقع الإصغاء

ولنا في صحيفة الدهر غيب ... سيعيد انتهاءنا لابتداء

وكنت أود أن أعقب بشيء على هذه القطعة، ولكنها ليست بحاجة إلى الشرح، وإن كانت بحاجة إلى حس غني مرهف يتلهمها بمجرد قراءتها. فمن كان له هذا الحس فما هو بحاجة إلى بيان، ومن لم يكن له، فما أنا ببالغ شيئاً في إفهامه

وإنني لمفتون بهذه القصيدة، أكاد لفتنتي بها، ولمسي لقلب الشاعر فيها، أفضلها على كل غزل العقاد!

والآن أختم حديثي عن (غزل العقاد) وقد طالت عنايتي بهذا الضرب من شعره لأسباب سأشرحها في الكلمة الختامية بعد الحديث عن (أسلوب العقاد) في مقال تال

<<  <  ج:
ص:  >  >>