للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فضحك وقال:

- ألا تعرفه؟

- قلت: لا

- قال: هذا من خطيئات النظام الحزبي. . . كان تاجراً، فاشتغل بالسياسة وأقبل عليها حتى أدبرت عنه الدنيا، وخسر رأس ماله كله فابتغوا له عملا يعيش منه، فكان عمله مراقب (الأفلام السينمائية) ولكن وظيفة هذا العمل قليلة، ففتشوا عن وظيفة أخرى ترفدها، فجعلوه إماماً في مسجد (كذا) وعزلوا إمامه الشيخ الصالح، فمن أجل ذلك كان بعمة وجبة وكان في السينما. . .

- قلت: عاش النظام الحزبي. . .

١١ - مشعبذ

سمعت الكثير من أحاديثه - وأخبار (علمه اللدني) - وقدرته على استحضار الجنّ، وكشف السرقات واستحضار المغيبات، وبراعته في (عالم الحرف) وأسرار العدد، فأحبت أن أراه. . . كما يحب المرء أن يرى حيواناً عجيباً، أو تحفه نادرة. . . وسألت صديقاً لي أن يجمعني به، فأخذني إلى داره في (برج أبي حيدر) فدخل بي دهليزاً مستطيلاً يفضي إلى غرفة في داخلها غرفة - مفروشة بالطنافس. . . في جوانبها مئات من الكتب الصوفية والروحانية - وفي وسطها مجمرة يحرق فيها البخور فتمتلئ به الدار، والشيخ جالس أمامها وقد وضع في عنقه سبحة طويلة أخبرني صديقي الذي جاء بي، أن فيها ألف حبَّة، في كل حبة منها حرف يدعي به ملك من ملوك الجان فلا يلبث أن يحضر ملبياً طائعاً، وعلى رأس الشيخ عمة ضخمة أحسبها تزن خمسة أرطال. . . فلم يقم لنا حين دخلنا وإنما مدَّ يده لنقبلها، فعجبت من فعله وتلكأت، فهمس صاحبي في أذني، أن قبلها وإلا رأيت من القوم ما تكره. . . فنظرت في وجوه القوم فإذا هي قد اربدَّت، وإذا عيونهم محمرَّة، فآثرت السلامة وقبلت يده الطاهرة وجلست. . .

وشرع القوم يعرضون على الشيخ قصصهم - كما كانت تعرض القصص والحاجات على الملوك والأمراء، وهو يعد ويؤمل. . . والقصص شتى والحاجات متباينات، فهذا الرجل له قريب أصابته آفة في بطنه أجمع الأطباء على أن شفاءها (عملية) جراحية، فخاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>