للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

المريض منها وبعثه يرجو الشيخ الخلاص من هذه (العملية) فوعده أنه سيجريها له وهو نائم فلا يفيق من منامه إلا وقد صرف الله عنه ما يحس به، فدعا له الرجل ودس في يده ما تيسر. . . وهذا رجل له امرأة عاقر فهو يسأل الشيخ أن يجعلها ولوداً. . . وهذا آخر سرق ماله كله وعجز الشرط عن معرفة السارق، فهو يطلب من الشيخ كشف السارقين. . . وأمثال ذلك، وهم ينصرفون واحداً إثر واحد، حتى لم يبق أحد. . . فمال علينا يحدثنا. . فكان من حديثه إلينا أنه وقع على النسخة الفريدة من كتاب (أسرار الحرف) تلك التي فتش عنها (العلماء) القرون الطوال فلم يسقطوا لها على أثر. . . فكانت له مفتاحاً لكل باب، فإذا أراد أن يأتي بأموال (بنك فرنسا) مثلا لم يحتج إلا إلى حروف يكتبها في ورقة ويلقيها في البحر، ظهر يوم الاثنين، أو فجر يوم الأربعاء، وإذا شاء أن يصطاد سمكا، كتب حروفاً على الشبكة فأقبلت إليها الأسماك والحيتان حتى لا يبقى في البحر حوت

قلت: فلم يا سيدي لا تأتون بأموال فرنسا وإنكلترا وهم أعداء الله وأعداء رسوله؟

قال: لم يؤذن لنا في ذلك، ولكني سأكون مفتياً للجيش الفرنسي فأجعله كله من جنود الله!

ومرت على هذه المقابلة الطريفة سنون، لقيت بعدها ذلك الصديق، فقلت:

- ما فعل الله بصاحبنا الشيخ؟

- قال: ذهب المسكين يصطاف، فمنوا عليه بدار في (دمر) منفردة. فلم يبت فيها إلا ليالي حتى نزل عليه اللصوص فلم يدعوا له شيئاً. . . وبقى هو وأسرته بلا فراش!

- قلت: أولم يستطع أن يعرفهم؟ أما كان يكشف السرقات ويظهر المخبئات؟

- قال: مسكين، إنه يرتزق. . . أفتريد له الموت جوعاً؟

دمشق

علي الطنطاوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>