للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد التفت إلى هذا رجال التعليم في العصر الحاضر فأخذوا ينشرون الموسيقى في دور التهذيب، أما فيما يتعلق بعلاج الأمراض فقد دلت آخر الأبحاث على فائدة الموسيقى إلى حد أدهش العلماء.

وثبت أن الألحان ذات أثر مختلف في مستمعها الفاهم لها، فمنها ما يؤثر تأثيراً هادئاً يعقبه نوم عميق، ومنها ما يوقظ ويبعث نشاطاً عجيباً. ولا أدل على ذلك من تأثير قطعة أيرل كوينج ليبتهوفن على مرضى الميلانخلولي، أو قطعة تانهويزر لفاجنر، أو قطعة الافتتاحية لميستر زنجرن اللتين تلائمان مرضى الغضب السريع

ودلت تجارب عدة على أن الدورة الدموية تتأثر أيضاً بالموسيقى إلى حد أنها تنتظم وتصل إلى المستوى الطبيعي

وجد الدكتور تراخانوف أن الموسيقى السهلة تساعد على تنشيط العضلات الضعيفة، على حين لاحظ أن الموسيقى المدرسية (كلاسيك) لا تؤثر هذا الأثر؛ بل على النقيض تكسب العضلات شيئا من التراخي

والعناية بأمر الموسيقى في علاج الأمراض قائمة على أشدها في ألمانيا - بلاد العلم والفن والمدنية - حتى لنرى أن أعظم جامعة فيها وهي جامعة برلين قد منحت دكتوراه الشرف للموسيقي المغني ماكس ريجر الذي أثبت أن المعالجة بالموسيقى ذات أثر قيم قائم بالدليل في معالجة الأمراض النفسية

من كل هذا نرى أن الموسيقى هي إحدى نعم الله التي منحها خلقه العاقل المعذب، والتي بها يستطيع أن يبعد عمل الشيطان من نفسه، ويلتفت إلى ما في الوجود من جمال يدل على قدرة الخالق وعظمته

ولعل الشاعر شكسبير لن يبالغ بقوله في رواية روميو وجوليا (١٥٩٣) أن الموسيقى بلسم القلوب الجريحة ونعيم العقول المتعبة، إذ بصوتها الفضي يكتسب القلب بهجته والعقل راحته

وإذا رجعنا إلى كتاب شوبنهاور (الدنيا كإرادة وتصور) نجد فيه الفيلسوف يقول إن أحسن موسيقى وأسماها هي تلك التي لا نستطيع وصف أثرها في نفوسنا عند الاستمتاع بها، حيث تذهب بنا إلى جنة الخيال البعيد عن مرارة الحقيقة الراهنة

<<  <  ج:
ص:  >  >>