كرسا، وهو ما يقرب من خمس أعضاء الريخستاج، وأضحى بذلك أقوى الأحزاب البرلمانية، وقوى أمله في انتزاع الحكم. ورشح هتلر نفسه في ذلك الحين لانتخاب رآسة الجمهورية ضد المارشال هندنبورج فلم يفز المارشال أمام منافسة القوى إلا في الدورة الثانية. وبذلت حكومة فون بابن القائمة وقتئذ جهودا عنيفة لوقف تيار الحركة الوطنية الاشتراكية، وحلت الريخستاج وأجرت انتخابات جديدة في نوفمبر سنة ١٩٣٢، فنال الوطنيون الاشتراكيون فيها مع ذلك ١٩٦ كرسيا. وأضحى الرئيس هندنبورج وحكومة برلين أمام الأمر الواقع؛ وأضحى واضحا انه لا يمكن لأية قوة أن تقف في وجه هذا التيار الجارف، وأن الوسائل المصطنعة لا تجدي في المقاومة، وأن السلطة صائرة إليه بلا ريب. وكان الرئيس هندنبورج قد دعا هر هتلر عقب انتخابات يوليه ليفاوضه في إمكان اشتراكه في الحكم، ولكن هر هتلر أصر على تولى السلطة كاملة غير منقوصة. وهذا ما أباه الرئيس هندنبورج مدى حين. وكان المارشال يبدي في الواقع تردداً في الثقة بالوطنيين الاشتراكيين ويخشى وجودهم في الحكم وقد ظهر ذلك واضحا في موافقته على حل البرلمان أكثر من مرة خلال أشهر قلائل، وفي تفويضه للهر فون بابن ثم من بعده للجنرال فون شليخر، أن يتذرع بالسلطة المطلقة وأن يحكم بمقتضى قوانين الطوارئ، وذلك لأن أحداً منهما لم يتمتع بثقة الريخستاج، ومع ذلك فانه لم يمض على انتخاب البرلمان الجديد شهران حتى كانت حكومة فون شلخير في دور النزع وحتى كان الرئيس الشيخ يفاوض هتلر في تولى الحكم. وقد كان هذا التطور الفجائي في موقف المارشال ومستشاريه مثار دهشة عامة، خصوصاً إذا ذكرنا أن الحزب الوطني الاشتراكي لم يكن يومئذ في ذروة قوته، ولم تكن له في البرلمان سوى أقلية، وكانت قد نضبت موارده وخبت قواه. ومن الغريب أن يكون رجل هذا التطور ومدبره فون بابن لم يدخر أثناء حكومته وسعا في سحق هتلر وحزبه وقد فسر هذا التطور يومئذ بان استدعاء هتلر إلى الحكم لم يكن إلا وسيلة لتحطيم نفوذه وتمزيق حزبه، وأن هذا الاضطلاع بأعباء الحكم ومسئولياته سيصهره ويكشف عن ضعفه، وانه من جهة أخرى لن يتمتع بالسلطة كاملة، وستتخذ الضمانات الكفيلة بكبح جماحه ومنعه من إطلاق العنان لمشاريعه المتطرفة التي كانت تعتبر يومئذ خطرة على مستقبل ألمانياومصالحها ومركزها الدولي. وعلى أي حال فقد وقع الانقلاب