من فوضى واضطراب وقصور في النواحي الثقافية والعلمية. أيتهم الشرق بأنه سبب ذلك ولا يتهم الغرب وأقوامه هم الذين وجهوا تعاليم الديانة المسيحية وجهة مادية؟
ثم ما هي العقلية التي جاءت بصكوك الغفران وما هي الطبيعة التي تقبلت الشرائع القوطية؟ أجاءت مع المسيحية من الشرق أم نبتت في الغرب ومن بنات أفكار أقوامه، وهذا هو الواقع.
(ثامناً): (فإن شارل مارتل أنقذ العقلية الغربية من العقلية الشرقية حين كانت تغزو أوروبا على يد العرب) لو جاء بهذا الكلام أحدُ من الغرب لعذرناه، وطبيعة الإنسان كثيراً ما تغالط نفسها فتنكر الفضل على مستحقه. ولكن أن يأتي هذا الكلام من شرقي عربي فهذا ما لا يصدق.
حقيقة صد شارك مارتن تيار العرب، فترى ماذا صد مارتل وماذا منع عن أوروبا؟ أمنع روح النسك؟ والعرب لم يعرفوا بذلك لا في الشرق ولا في الغرب؟ أم أنه صد عن أوربا سبعة قرون من ينابيع الفكر والعلم والثقافة؟ وهذا ما أقر به علماء الغرب ومؤرخوهم قبل أن ينكره أحد من الشرق والعرب. سلوا مؤرخي النهضة الأوربية واستفتوا كتبهم عن أثر الأندلس في تلك النهضة، ألم تكن جامعاتها وحلقاتها قبلة للطلاب من كل ركن في أوربا؟ فلماذا تأثروا بالعلم ولم يتأثروا بالنسك؟ ألان العلم أسهل اقتباسا من النسك أو لأن العلم كان لديهم ولم يكن النسك؟
أفيكون مارتل بعد هذا قد أنقذ العقلية الجرمانية وهي كما يعلمها طلبة التاريخ من العقلية الشرقية يأتي بها العرب، أم يكون مارتل قد أنقذ الجهل من العلم قروناً؟
(تاسعاً) وأخيراً، وهذا أبعد ما استبعدنا أن يأتي به الدكتور العالم وهو أن العلم يتلون بروح الأمة، فكتب الرياضيات والطبيعيات وحقائقها في فرنسا هي غيرها في ألمانية، لأن لكل لوناً خاصاً في الحياة. فالنظرية الآرية تختلف في كل قطر على هذا الأساس الذي أتى به لأن روح الأمتين مختلفة. ولربما كانت نظرية الحمار في بلاد الإنكليز نظرية الدب في روسيا لأن روحيهما مختلفان.
هذا بعض ما لاحظناه على المقال المذكور ولو كان مجرد رأي لما حاولنا الجدل فيه، ولكن الكثير منه يتصل بالأمة العربية والأمم الإسلامية وبعضه يتصل بالحقائق التاريخية.