للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بها الماء، والشطر النصيب، والمعترك الموضع الذي يختصمون فيه الماء، فيلقونها هناك عند الشرب، وقوله (يدريننا) يعني النساء، أي ختلتنا فرميننا، والرهادن طير بمكة كالعصافير.

وذكر ياقوت أن ابن عبدة النساب قال: ما عرف النُّسَّابُ أنساب العرب على حقيقة حتى قال الكميت النزاريات، فأظهر بها علماً كثيراً، ولقد نظرت في شعره فما رأيت أحداً أعلم منه بالعرب وأيامها.

وأخرج ابن عساكر أنه كان يقال: ما جمع أحد من علم العرب ومناقبها ومعرفة أنسابها ما جمع الكميت، فمن صحح الكميت نسبه صح، ومن طعن فيه وهن.

وقال أبو عكرمة الضبي: لولا شعر الكميت لم يكن للغة ترجمان، ولا للبيان لسان.

وقد عنى ابن الأعرابي بدرس شعر الكميت، ولم يكن يعنى إلا بالشعراء الفحول الذين يعرفون النساب، أو يمتون بعرق إلى الأساليب الجاهلية؛ ولم يعن ابن الأعرابي بدرس شعر الكميت فحسب، بل كان يذكر به من يغفلون عنه حين يعرضون عليه ما عرفوا من معاني الشعراء.

وأخرج أبو عكرمة الضبي عن أبيه قال: أدركت الناس بالكوفة يقولون: من لم يرو:

(طَرِبْتُ وما شوقاً إلى البيض أطْرَبُ)

فليس بهاشمي، ومن لم يرو:

(ذكر القلبُ إلْفَهُ المهجورَا)

فليس بأموي، ومن لم يرو:

(هلاَّ عرفتَ منازلاً بالأبرقِ)

فليس بمهلبي، ومن لم يرو:

(طَرِبْتَ وهاجَكَ الشوقُ الحْثِيثُ)

فليس بثقفي.

فهذا كله إلى ما نقلناه عن معاذ الهراء يظهر لنا كيف كانت طائفة كبيرة من العلماء والأدباء تتعصب للكميت وشعره إلى هذا الحد من التعصب، وما نظن أن نظرهم في هذا كان يجاوز جانب اللفظ والمعنى في شعر الكميت، فلا ينظرون إلى شيء آخر بعدهما يسمو به

<<  <  ج:
ص:  >  >>