الشعر العربي في نصف القرن الأخير، وألم فيه ببعض شعراء مصر. واهتمام المستشرقين بدراسة الأدب العربي ليس بالشيء الجديد، وإن كان - على أية حال - يشير إلى عناية هؤلاء القوم بدراسة الشرق في نواحي تفكيره المختلفة. وفي عصوره القديمة والحديثة على السواء.
ودراسة المستشرقين لأقطاب الفكر العربي دراسة تحلو من كل مغمز، قوامها تحليل ما يكتبه هؤلاء وعرض آثارهم الفكرية على العالم الغربي والمهتمين بتتبع الأمور في بلاد الشرق. ومنذ أمد قريب نشر الأستاذ كراتشوفسكي المستشرق الروسي مقالاً عن الأدباء المحدثين في مصر وسورية، كما نشر من قبل الأستاذ جب سلسلة من الأبحاث القيمة الدقيقة في مجلة مدرسة اللغات الشرقية بلندن، تناول فيها أدباء مصر ومؤلفاتهم، كذلك نشر الأستاذ كمبفماير عدة بحوث عن شاعر العراق المرحوم جميل صدقي الزهاوي، وترجم إلى الألمانية بعض قصائده.
والمتتبعون لما يكتبه الدكتور بروكلمان يرون أنه في الملاحق التي أضافها لكتابه قد تناول كثيرين من أدبا العربية في مصر والشام والمهجر أمثال العقاد وهيكل والمازني وطه حسين والزيات ومنصور وفهمي وسلامة موسى وجبران خليل جبران وميخائيل نعيمة واليازخي وغيرهم مشيراً خلال ذلك إلى إنتاجهم الفكري في الترجمة والتأليف.
ولما طبع المرحوم شوقي بك روايته (مجنون ليلى) ترجمها بأذن منه الأستاذ أربري وكان إبان ذلك الوقت أستاذاً بكلية الآداب بالجامعة المصرية، ولقد حافظ المترجم في ترجمته هذه على الروح الأصلية فجاءت آية في بابها، ومثالا يحتذي في دقة الترجمة، وإدراك العاني كما تدل على أصالة شعرية وطبع موهوب، ولعل البعض يسأل عن علة اختيار هذه الرواية بالذات؛ والجواب على ذلك أن الأستاذ ممن لهم ولع بدراسة التصوف الإسلامي في رواية مجنون ليلى تتجلى روح قل أن تنبه لها إلا القليلون، تلك هي أن ليلى عاشت عذراء وماتت عذراء طاهرة رغم زواجها وقصارى القول أن عناية المستشرقين روائع الأدب العربي الحديث إلى لغاتهم الأوربية أو الكتابية عن أقطاب الفكر في مصر والشام وغيرهم من المعاصرين لها دلالتها على حيوية الأدب الحديث، كما أن فيها إطلاع الغرب على النهضة الفكرية في الشرق.