(أوقفني في العلم وقال لي: حجبتك بعلمك في حجاب من علمك فما عرفتني، فإن لم تخرج من علمك إلى معرفتك فأنت في حجاب من العلم) وابن عبد الجبار النفري يتكلم عن ناحية الإلهام وعن الذات الإلهية،، ومواقفه بين يدي الحق مثل موقف العز والانتقام والخوف ثم تعتريه حالات تطرأ على نفسه فيذكرها.
كذلك نشر الأستاذ أربري من قبل في مصر كتاب التوهم للحارث بن أسد المحاسبي (سنة ٢٤٣هـ) وهو أشبه ما يكون برواية طريفة في ذكر الجنة والنار، وكان ابن أسد المحارثي هذا من معاصري احمد بن حنبل (راجع تاريخ بغداد ج٨ ص٢١١ - ١٢٦) وأسلوب المحاسبي في هذا الكتاب أميل للناحية الأدبية، والقطعة التالية منه تبين أسلوب الكتاب ومرمى المؤلف، يقول (وتوهم حين وقفت بالاضطراب يرعد قلبك، وتوهم مباشرة أيديهم على عضديك وغلظ أكفهم حين أخذوك، فتوهم نفسك محثوثة في أيديهم وتوهم تخطيك الصفوف، طائر فؤادك، فتوهم نفسك كذلك حتى انتهى بك إلى عرش الرحمن فقذفوا بك من أيديهم، وناداك الله عز ووجل بعظيم كلامه، (أدن منىّ يا ابن آدم) فَغَيَّبَك في نوره) وقوله في موضع آخر حيث الصراط (فتوهم نفسك وقد أنهيت إلى آخره فغلب على قلبك النجاة وعلا عليك الشفق، وقد عانيت نعيم الجنان وأنت على الصراط). .
ويشتغل الأستاذ أربرى هذه الأيام في إخراج مخطوط آخر للمحاسبي، وهو يجد لذة في إخراج أمثال هذه المخطوطات التي ليس من شك في أنها تلقى ضوءًا جديداً على دراسة التصوف، وتنير السبيل للباحثين فيه.
وهناك من المستشرقين المهتمين بهذه الناحية الأستاذ ميشيل أزين بلاتشيوس الأسباني، وهو يعكف منذ أمد بعيد على دراسة التصوف الإسلامي، والفلسفة الإسلامية وخاصة ما كان منها متعلقاً بمسلمي أسبانيا، وقد نشر منذ أمد بعيد رسالة قيمة عن ابن مرْة (بالأسبانية) عالج فيها مبادئه وآراءه، وأفكاره السياسية، وبسط فيها الفكرة الشيعية التي أثرت عليه فجعلت منه داعياً وفيلسوفاً.
المستشرقون والحياة الشرقية
في الخامس من شهر سبتمبر الماضي انعقد بمدينة بروكسل مؤتمر المستشرقين، حيث ألقى فيه الأستاذ (بروجلهاون) - وهو من علماء الاستشراق المعروفين بحثاً وافياً عن تطوّر