لقد شاءت الآنسة الفاضلة (أمينة شاكر فهمي) أن ترد علي بعد أن نبهتها إلى تلك الأخطاء الظاهرة في ردها الأول، ومنها أنها لا تزال تدعى أنى غيرت الإعراب وأبقيت القواعد على ما هي عليه، مع أني غيرت القواعد أولا، ثم غيرت الإعراب ثانياً، وإني بعد هذا لا يسعني إلا أن اختار السكوت فيما بيني وبينها، والسكوت في بعض الأحيان قد يكون خير من رد.
(أزهري)
دراسة التصوف في أوربا
يحلو لكثير من المشتغلين بدراسة التصوف الإسلامي أن يقارنوا بينه وبين التصوف في العصور الوسطى في أوربا، وبينهما وبين التصوف الهندي، وهى بحوث لا تخلو من لذة، ويزعم بعض المستشرقين أمثال الأستاذ فون كريمر أن التصوف الإسلامي يرجع في بعض نواحيه إلى النرفانا، ويماثلونها (بالفناء) عند الصوفية من أهل الإسلام، وينقض هذا الرأي الأستاذ رينولد بيكلسون - وهو اليوم أعظم المشتغلين بهذه الناحية - ويرى أن الزهد الإسلامي مستقل عن أي تصوف آخر، ويميل لهذا الرأي الأستاذ ماسنييون وهو أيضاً من أقطاب الباحثين فيه.
وعلى الرغم من كثرة الكتب في هذا الباب، فإن هناك عدداً وفيراً لازال رهن المخطوطات، ومبعثراً في دور كتب أوربا؛ ومن المشتغلين اليوم بهذا الفرع من الدراسة الأستاذ آرثر حنا أربري (وكان من قبل أستاذاً بكلية الآداب بالجامعة المصرية) فنشر بضع مخطوطات منها كتاب (المواقف والمخاطبات) لمحمد بن عبد الجبار النَّفري (المتوفى سنة ٣٦٠ هـ)، وطبعه في سلسة جب التذكارية، وأرفق النص بترجمة له، ودراسة وافية - بالإنجليزية - عن الألفاظ الصوفية التي استعملها المؤلف، واصطلاحات المتصوفة ومقدمة في حياة النفري.
وأسلوب النفري في غاية العمق، كما أن كثيراً من عباراته تكاد تكون غامضة مهمة تتطلب خبرة غير قليلة ودراسة قوية للتصوف، أما المخاطبات فبينه وبين الحق، كما في قوله