صار الواحد منهم لا يعبأ بمعرفة شيء عن أصول التربية الحديثة ومستلزماتها ولا يهتم بالتمشي مع أصولها خوف ما يقع عليه من المسئولية والأذى إذا حاول الشذوذ عما يرسم له بتطبيق نظرية حديثة أو فكرة جديدة، وأصبح لسان حال كل منهم يقول (لماذا أتعب نفسي وأهتم بأي شيء قد يجر على مالا تحمد عقباه؟ فما علي إلا أن أردد كل عام الدروس التي رددتها من قبل أو أن أعمل العمل الذي كنت أعمله في الأعوام السابقة في سبيل الحياة وأكل العيش)
وثانيتهما: إعدام التعاون بين أعضاء المجموعة الواحدة، كل يفكر في نفسه غير مبال بغيره حتى لقد يمر العام كله على مدرسين في مدرسة واحدة لا يعرف أحدهم اسم الآخر كما قد يمر العام على مدرسين في فصل واحد لا يتذاكرون شيئاً عن أحوال تلاميذهم أو أخلاقهم أو عقلياتهم. وليس هناك أمر من الأمور يعرض عمل أية مجموعة أو طائفة من الناس للخيبة كفقد رابطة التعاون والتضامن بينهم، وخصوصاً إذا كان ذلك بين جدران المدارس التي يجب أن يكون التعاون غرضاً من أغراضها الأساسية. فالمسألة أصبحت قاصرة على أن كل واحد منهم يعمل عمله المتكرر الممل المعاد سنة بعد سنة بدون تأمل في إصلاح ولا تفكير في تجديد وأنى لهؤلاء أن يبعثوا بملكة التأمل والتفكير في تلاميذهم إذا كانوا قد أصبحوا هم أبعد الناس عنها!!