عرفت مدى شطر وشطر جهلته ... فحسبك من بلواك ما لست تجهل
تغوص على الأوجاع بُهراً كأنني ... بريء من الأوجاع لا أتململ
فيالك من قلب إذا ما تعللت ... قلوب الورى لم يغن عنك التعلل
تعلق إلا بالمحال رجاؤه ... وأقسم لا يلهو ولا يتأول
ضمنتَ كدُفَّاع الضرام لواعجاً ... أأنت لنيران اللواعج هيكل؟
فيا من يراني والفؤاد كأنه ... إذا الليل أغضى قاتل يتزمل
ويا من يراني والنجوم كأنها ... نواظر من خوف المنية تقفل
كأن الفضاء لم ير الشمس مرة ... ولم يسر فيه بدره المتهلل
أبيت وبي ليلان: ليل صباحه ... يرَّجى وليل مدبر الصبح مقبل
أضمد جرحي باليدين وفيهما ... جراح يغشيها النجيع المسلسل
وأحمل نفسي وهي ولهى طليحة ... إذا التام منها مقتل سال مقتل
إذا أدبر الليل استرحت وإنما ... يوكل بي الليل الذي هو أطول
عفاء على الأضواء ماذا انتساخها الل ... يالي وليلى آخر الدهر مسبل
فيا شهب خطى بالرجوم على الدجى ... وباصبح فاسمعني ويا ناس فانقلوا
ضؤلت سراجا يا شموس إذا خبا ... سراجي وليلي قاتم الجنح أليل
فأما حين يطلبون السلاسة والعذوبة، فما أكثر ما يجيبهم ديوان العقاد الأول وحده إلى ما يطلبون، وأقرب ما تقع عليه العين قصيدة الحب الأول ونقتطف منها قوله:
يهنيك يا زهر أطيار وأفنان ... الطير ينشد والأفنان عيدان
طوباك لست بإنسان فتشبهني ... إني ظمئت وأنت اليوم ريان
هذا الربيع تجلى في مواكبه ... وهكذا الدهر آتا بعده آن
تفتحت عنه أكمام السماء رضىً ... وزفه من نعيم الخلد رضوان
وشائع النور في البستان باسمة ... والأرض حالية والماء جذلان
الشمس تضحك والآفاق صافية ... جلواء والروض بالأثمار فينان
وللنسيم خفوق في جوانبه ... وللطيور ترانيم وألحان
في كل روض قرى للزهر يعمرها ... يا حبذا هي أبيات وسكان