أهدى إلي نسخة من كتاب (لورنس) المسمى (ماكيافيللي الجديد). ذلك الكتاب الذي ترك في نفسي أبعد الأثر بفصوله الرائعة، وبأنه هدية من حبيب القلب!
كان مغرماً بالطائرات، ولقد حملني مرة على متن إحداها في مساء ساحر، وعدنا إلى بيته بعد أن أنتصف الليل بساعتين، ولقد تلقاني قومه في شيء من عدم الارتياح، والشك في مستقبلي ككاتبة! وعلى أي حال فأن والدته من فورها قد أخذت تعلمني كيف ترقع سراويل الرجال!
دامت خطبتنا عاماً. ولم يكن هنالك من المتاعب سوى افتقاري إلى المرانة في البيت. فقد نشأت في بيئة فتيات يهوديات من عائلات طيبة. ولم تكن هذه البيئة دينية على وجه الإطلاق. وإنما كانت تتميز بالزهد وتتشبث بأهداب الطهارة. وإني لأذكر العبارة التي كانت الفتيات يستعملنها دائماً فيما بينهن. . . (إنك لن تظفري بزوج أبداً ما لم تظلي نقية. . . وعذراء!)
وربما لم تكن هذه العبارة تعنيني وحدي، ولكنها كانت تفنى في جوي أنا. . . ربما؛ حقاً إنها لم تزل تفنى في جو حياتي إلى الآن!. .
إن شباب هذه الأيام، على قلة ثرثرتهم، يعرفون جيداً كيف يجيبون على سؤال شاب حار الدم، خطب لنفسه فتاة يحبها، وقد أمضى وقتاً طويلا وهولا يستطيع الاقتران بها لعجزه عن التغلب على بعض العوائق الاقتصادية!. أجل، إن شاب اليوم يستطيع أن يقطع برأي حاسم في مثل هذه المسائل. ولكن، حين عرضت لي نفس الظروف لم أستطع أن أصنع شيئاً، بل لم أعلم ماذا يراد أن يصنع بي. وقد ندر ما كنت أتحدث وخطيبي في هذا الصدد، بصفة غير مباشرة. وهذا من أظهر الفروق الملحوظة بين تلك الأيام، وبين أيامنا هذه!!
واعترف لي الفتى بأنه كانت له عشيقة، امرأة جميلة، ولكنها ليست (خاصة)! وكانت تكبره في السن
(بالتأكيد يا تشارلس، كان هذا قبل الآن. . .) هذا ما قلت له، دون أن أعلم أنني كنت وراء مطلب عسير، هو النقاء التام في الجسد، كما في الروح!!
لم يرض أبي عن هذه الخطبة من أول الأمر، وكثيراً ما كان يقول لي (ليس في خلق هذا الفتى شيء من الثبات، هل هو على شيء من الثبات؟ كلا!. .)