لهذا صرت إذا احتجت أن أطلب منها شيئاً، أكتب لها رقعة بما أريد، تذهب بها إلى البقال أو النجار، أو الجيران، ليشرحوها ويبينوا لها ما فيها، وما أكثر ما يعابثها البقال!!
ولا أستطيع أن أنهرها، أو حتى أن أظهر لها الغضب أو الأمتعاض، أو الضجر، فقد ربتني صغيراً، وليس هذا ذنبي، ولكنها تعدني (ملكا) لها، وترى أن هذا يخولها حقوقاً علي، فالبيت كله بيت (ابنها) بما فيه، ومن فيه، ومن كان لا يعجبه هذا فلينفلق!
على أن مصيبة الأولاد أدهى، تكون الساعة الخامسة صباحاً، فأسمع نقراً على الباب، فأفتح عيني وأقول (تفضل. . . تفضلا. . تفضلوا. . . أو تفضلن) فيدخل اللعين الصغير الذي نسميه (ميدو) - وهي عندنا صيغة التصغير لعبد الحميد - فيدور بيننا هذا الحوار
- بابا
- نعم يا سيدي
- صباح الخير أولاً
- صباح الخير يا سيدي. خير إن شاء الله؟
- الساعة كم الآن؟
- الساعة؟ أو ليس عند ماما ساعة؟
- عندها ساعة. ولكنها قالت لي البارحة إنها خربت ووقفت
- هي قالت ذلك؟ وحضرتك صدقتها؟
- وهل ماما تكذب؟
- أعوذ بالله!! مستحيل يا سيدي. وهل يكذب إلا الكذاب؟
وأخبره أن الساعة الخامسة فيقول
- أنا ذاهب إلى المدرسة
فأصيح، واستوي قاعداً، (أي مدرسة يا أخي؟ وهل صارت المدارس في عهد هيكل باشا تفتح قبل الفجر؟ أما إن هذه لبلية! رح يا أخي، رح نم!)
فيقول (بس اسمع يا بابا)
فأقول وأنا أعيد رأسي إلى المخدة (سامع. فضل)
- بقى الأفندي قال لنا (يجب أن نكون موجودين في منتصف الساعة الثامنة، وأن من