للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ولكني أعيذ فطنتكم أن تجعلوا يد البستاني مرآة للبستان. . .

وإنكم إذ تتحاشون الحديث في الإيمان لمحرومون من منابع الإلهام الدائم، وحياة اللذة بالشعر، وحياة اللذة بالعلم، وحياة اللذة بالقوة، وحياة اللذة بالمجد الشخصي، واحترامكم لأنفسكم!

أتدرون أنكم لا تسبحون إلا في الضحضاح من المعاني المكشوفة الدائرة حول الظاهر من الحياة الدنيا، وأنكم تدورون في هذا الضحضاح دوراناً مضحكاً)؟

أتدرون أنكم بإهمالكم وصف الأفق الذي تلتقي فيه كل الحقائق والجمالات والكمالات والرائعات من عالم الخفاء وعالم الظهور، قد ضيعتم أعلى نغم وعطلتم شعركم من أعذبه؟

هبوا أنكم لم ترضوا بحديث بعض المأثورات من كتب الدين عن الإلهية، فلماذا لا تحدثون أنتم الإنسانية بحديثكم الشخصي عنها وهي تملأ كل نفس عالمة أو شاعرة؟

وهبوا أن بعض الأنجاس ولغوا في هذا النبع، فهل معنى ذلك أنه تنجس عند الذين يعرفون من أين ينبع وإلى أين ينتهي؟

كلا! لن تذهب مسؤولية ذوي الطباع الرحبة في التكلم للحق إذا تكلم فيه الجامدون أو الدجالون، بل إن مسئوليتهم تبدأ من هنا. . .

وإن الذي يخرج من الدنيا كاتباً أو شاعراً أو فناناً أو عالماً أو متأملاً، ثم لا يترك في ميراثه حديثاً عن (ملتقى الأكوان!) لا ريب أن يحكم عليه الحق بأنه أعمى، لأنه مر على حجرات جدرانها كلها مرايا فلم يرها ولم يحدثنا عنها. .

(بغداد - دار المعلمين الريفية)

عبد المنعم خلاف

<<  <  ج:
ص:  >  >>