الربح الوفير؟ لا شك أننا في هذه الحالة نكون قد حكمنا على الثاني بغرامة فادحة، لم يصب الأول منها قليل ولا كثير
ولقد يتخاصم المتخاصمان أحدهما في سعة من الرزق يستطيع أن يستعين بجيش من مهرة المحامين، بينما ثانيهما مقل لا يستجيب له إلا من يقنع بالأجر الطفيف، وهكذا يسوي القانون بينهما في كل شيء، ويغفل هذه الناحية الحساسة، ذات الأثر البالغ في تكييف الحكم، وتكون النتيجة أن ينتصر باطل الأول على حق الثاني باسم العدل والقانون
وبعد فلست أجهل أن القوانين لا تنظر إلى الأفراد بمقدار ما تنظر إلى المجموع، وأنها كثيراً ما تضحي بمصلحة الفرد في سبيل الصالح العام، ولكنني أبحث عن العدل المطلق، العدل الذي لا يشحذ مديته على كبش من كباش الفداء
اللذة السلبية
عرفت بالتجربة أن من أطيب الأوقات التي تمر بالإنسان تلك الأوقات التي ينسى فيها نفسه بسفر طويل وإن كان لغير غرض، أو بإمعان في تفكير وإن لم يكن من ورائه طائل، أو بانهماك في (لعبة) وإن كانت غير ذات جدوى. وجلي أن الإنسان لا يفيد من ذلك فائدة يستطيع أن يرجع إليها ما يشعر به من لذة، فهل مصدر تلك اللذة هو مجرد نسيان الإنسان نفسه حيناً من الدهر؟ إن صح ذلك فأحر بنا أن نطلق على هذه اللذة أسم (اللذة السلبية)
أغلب الظن أن ذلك صحيح، وعليه يكون مجرد الشعور بالحياة عبئا على الأحياء، ويكون الاحتيال على التخلص منه بين فينة وأخرى داعية سرور وارتياح. ومما يدعم هذه النظرية تلك اللذة التي يشعر بها المخمور، وماذا يفيد المخمور من جرعات الراح التي يتجرعها بين تغضن الأسرَّة وتقطيب الوجه، إلا فترات غيبوبة ينسى فيها نفسه، ويعدم شعوره، ويفارق حيويته إلى حين؛ حتى إذا ذهبت نشوته، وتسرب إليه شعور، ودع نعيمه، وعاد إلى دنيا الهموم؟
إذا وافقتني على ذلك استطعنا أن نحل ذلك اللغز الذي حير الأفهام من قديم الزمان، وهو (متى يستشعر النائم لذة النوم) إن قلت: قبله، قلنا: لا يستشعر الإنسان لذة شيء قبل مباشرته، وإن قلت: أثناءه، قلنا: لا شعور للنائم. وإن قلت: بعده، قلنا: ما شعور الإنسان بلذة شيء فات؟ أقول: إذا وافقتني على تلك النظرية استطعنا أن نعتبر لذة النائم من نوع