والعراق والشام ومصر وغيرها، من الأقطار التي افتتحت، وأن الحروب الصليبية وقائع البسالة، وكان الصليبيون عجباً بأنظمتهم وترتيباتهم، وأن اليهود عوملوا في عهد الحروب الصليبية في الغرب معاملة حسنة)
عجباً! أفنتصم بكل هذه الوحشية ويظل في الدنيا من يذكرنا بخير ويدرس تاريخنا بإعجاب! ويشهد بحضارتنا بفخر وإكبار؟
وإننا إذ نحاول دحض هذه المفتريات، وإزالة هذا الكلف من وجه التاريخ، فلسنا نكيل لها الحق بالصاع الذي كالت لنا به التهم والشتائم، وإنما نستند في تفنيدها إلى استفتاء التاريخ، واستنطاق الحق واستقراء الحوادث، ثم إلى شهادة من لا تجمعهم بالعرب صلات الرحم وعلائق الدم وأواصر القربى، ولا أية صلة تدفعهم إلى التحيز
إن الدعوة الصالحة لدين الله هي الأساس الذي ترتكز عليه دعائم التاريخ الإسلامي، ذلك التاريخ المجيد الذي لم ينصف قط بمنازع الأهواء، وأغراض العالم
ومن سمع بقوم يخرجون في سبيل ربهم، يدعون أعداء الله إلى الله، فيلقى هؤلاء في طريقهم القتاد. . والأشواك، ويعفرون وجوههم بالطين والتراب، ويحرضون عليهم سفهاءهم وصبيانهم ينالونهم بمختلف أنواع المهانات والموبقات؛ فيهجرون أوطانهم وأملاكهم وأغنامهم، وإبلهم، ليشتروا بها نفوسهم! ثم يبيعون نفوسهم للموت ليشتروا بها وجه ربهم؟ من سمع بقوم تكون هذه حالهم وتظل نفوسهم مع ذلك متعلقة بأعراض الدنيا الزائلة، بمباهج الحياة الفانية. . .؟
إن الغزو - وما في معناه - لا يكون إلا بين القبائل المتباعدة، والعشائر المتعادية، فيغزو بعضها بعضاً، طلباً لأخذ ثأر، وأملاً بكسب غنيمة، والكل يعلم حق العلم أن المسلمين لم يناهضهم بادئ بدء إلا أهلهم الأقربون، ومنهم لحمهم ودمهم، وعشيرتهم القرشية، وفيها عصبيتهم وفخرهم. ولسنا نعلم قط أن قبيلة كانت إلباً على غيرها فانقلبت فجأة وصارت حرباً على نفر من أفرادها، طمعاً في مغنم. . .! أو حبَّاً في أخذ ثأر. . .!
وأي ثأر يكون لكل من علي، وأبي بكر، وابن الخطاب، ومن إليهم من لمهاجرين عند إخوانهم القرشيين فينضموا إلى جانب محمد (صلى الله عليه وسلم) وهو من علمت بضعف بطانته وقلة عدته وعتاده للأخذ به. . .؟