إلى أن قال:
فتلك ملوك السوء قد طال ملكهم=فحتَّام حتَّام العناء المطول
رضوا بفعال السوء عن أمر دينهم ... فقد أيتموا طوراً عداء وأثكلوا
كما رضيتْ بخلاً وسوء ولاية ... لكلبتها في أول الدهر حومل
نباحاً إذ ما الليل أظلم دونها ... وضرباً وتجويعاً خبال مخبلٌ
وما ضرب الأمثال في الجور قبلنا ... لأِجورَ من حكامنا المتَمثل
تحلُّ دماء المسلمين لديهمُ ... ويحرم طلع النخلة المتهدَّل
وليس لنا في الفيء حظ لديهمُ ... وليس لنا في رحلة الناس أرحل
فيا رب هل إلا بك النصر يُرتجى ... ويا رب هل إلا عليك المُعٍَول
ثم انتقل إلى تذكير الناس بمقتل الحسين رضي الله عنه، فقص من أمر هذه الحادثة الأليمة ما يثير الشجن في النفوس، ويملؤها غيظاً وسخطاً على هؤلاء الملوك، وفي هذا يقول:
ومن عجب لم أقضه أن خيلهم ... لأجرافها تحت العجاجة أزمل
هَماهِمُ بالمستلئمين عوابس ... كحد آن يوم الدَّجن تعلو وتسفل
يحلِّئْن عن ماء الفرات وظله ... وحُسَيْنا ولم يُشهر عليهن مُنصل
كأن حسيناً والبهاليل حوله ... لأسيافهم ما يختلى المتبقل
فلم أر مخذولاً أجل مصيبة ... وأوجب منه نُصرة حين يخذل
يصيب به الرامون عن قوس غيرهم ... فيا آخراً أسدى له الغي أول
إلى أن قال:
فإن يجمع الله القلوب ونلقهم ... لنا عارض من غير مزن مكلل
على الجرد من آل الوجيه ولاحق ... تذكرنا أوتارنا حين تصهل
نكيل لهم بالصاع من ذاك أصوعاً ... ويأتيهم بسجل من ذاك أسجل
ثم انتقل إلى مقصوده من الدعوة إلى بني هاشم بعد أن ألهب النفوس بذلك وحركها للثورة فقال:
ألا يفزع الأقوامُ مما أظلَّهم ... ولمَّا تجبهم ذات ودقين ضئبل
إلى مَفزعَ لن يُنجيَ الناس من عمىً ... ولا فتنة إلا إليه التَّحوُّلُ