للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن نيتشه كان وقوفه مقصوراً على آداب العبريين، لعلم أن مفتاح الكلمة في لغة العبريين وليست في لغة العرب، ومن هنا كان له أن يرفض تفسير المترجم!

وهنالك في التمهيد الذي قدم به صديقنا المترجم مآخذ كثيرة نحصر الكلام هنا على أهمها وأكثرها مجانبة للواقع

يقول المترجم:

(يريد نيتشه خلق الإنسان المتفوق - يعني السبرمان - جباراً كشمشون، وشاعراً كداود، وحكيماً كسليمان. فهو يكلف الطبيعة ما لا قبل لها به ويطمح إلى إيجاد جبابرة لا يصلحون لشيء في المجتمع لأن الحيوية لا تنصرف من مختلف نوافذها الجسمية في آن واحد دون أن تقبض على صاحبها لتوقفه من سلم الارتقاء على مرتبة معلقة بين الاعتلاء والانحطاط فيكون منه لا الإنسان المتفوق بل الإنسان (التافه) القصير الحياة والقاصر في كل عمل يباشره.)

وهذا الرأي يصح ولكن إذا كانت القوة الحيوية في الأحياء لا يمكن زيادتها فيهم حتى يكون من تصرفها من مختلف نوافذ الحياة ما يجعل الحي يقف في مرتبة التفوق من سلم الارتقاء من هنا لا يصح هذا الاعتراض على نيتشه، ذلك أنه يقيم فكرته في مجيء السبرمان من ازدياد القوى الحيوية عن طريق ترك المجال للتنازع للبقاء فيبقى القوي الأصلح. وتعمل سنة الانتخاب على تثبيت صفة القوة في سلالات هذا القوي الذي خرج منتصراً من معمعة التنازع على البقاء.

يقول المترجم:

(من تبصر في أحوال الناس وطرائقهم في الحياة، لابد له أن يسلم أخيراً بأن لكل شخصية حياتها بما كمن في حوافزها ولكل شخصية ميتنها بما خفي من أدواء جسمها وعلل إرادتها وبما وراءها من مقدمات وحولها من نتائج)

وهذا الرأي فكرة أولية يؤمن بها صاحبها فليكس فارس وتدور من حولها آراؤه في الشرق والغرب، وهذه الفكرة فيها عنصر من الخطأ، وموضع الخطأ عدم ملاحظته العوامل والمؤثرات الطبيعية والاجتماعية التي تترك أثراً ثابتاً في فطرة الأحياء يتكافأ مع حوافزهم الطبيعية. وقد جلينا في سلسلة مقالاتنا المدرجة على صفحات (الرسالة) عن الغرب

<<  <  ج:
ص:  >  >>