والشرق كيف تنزل جميع آراء صديقنا من هذه الفكرة الأولية، وشرحنا أوجه الضعف بتفصيل فيها، فلا داعي هنا للإفاضة.
يقول نيتشه:
(إن ما فطرنا عليه هو أن نخلق كائناً يتفوق علينا، تلك هي غريزة الحركة والعمل)
ويعلق على هذا الكلام المترجم بقوله:
(ما هذه الفطرة التي يراها نيتشه رافعة الإنسان إلى التفوق على ذاته وأنساله إلا حافزاً الحب وفي أعماقه غريزة الانتخاب تجتذب الزوجين إلى اتصال يشدد أحدهما فيه ما وهن في بنية الآخر.)
وهو في تفسيره هذا وتعليقه يحمل نيتشه أفكاراً لم تمر بخاطره فضلاً عن أنه يخالف العلم الحديث بمقدراته.
يقول نيتشه إن غريزة الحركة والعمل في الحياة تعمل لخلق كائن يتفوق على أبويه، وهو في هذا يماشي فكرة أن التطور مدفوع للارتقاء، فإذا كانت الحياة هي الحركة والعمل ومجبولة على الأرتقاء، فأذن كل نتاج الحياة يتفوق على أصله. وهذه فكرة مستقلة بذاتها عن فكرة المترجم حين يقول: إن حافزة الحب بما في أعماقها من غريزة الانتخاب الزوجي يجذب الزوجين إلى اتصال يشدد أحدهما فيه ما وهن من بنية الآخر
ومع هذا ففكرة المترجم واهنة لو نظرنا إليه من ناحية العلم البيولوجي، ذلك أننا نعرف من بحوث الأستاذ جوليان هكسلي المعروف أن المظاهر الخارجية في الحياة وخصوصاً الصفات (النفسية) وعلى وجه خاص الحب لا يتعدى أثرها (إحكام الروابط النفسية بين الأحياء بعد أن يهبط الميل الفسيولوجي إلى درجة العدم). من هنا لنا أن نقول إن حافز الحب مهما كان له من الأثر في إحكام الروابط النفسية بين الأحياء فإنه لا يتعدى دائرة المظاهر الخارجية للحياة ولا يصل بتأثيره إلى العالم الداخلي فإذن رأي صديقنا المترجم يخالف مقررات العلم البيولوجي الحديث وأمانة البحث تضطرنا إن نقول إن بعض الباحثين إلى الآن لا يزالون يحملون بعض الظاهرات الطبيعية في التناسل على الصفات (الروحية) ذلك أن هذه الفكرة بقية من آثار الرأي العامي الشائع في أن للمظاهر الروحية أثراً في تكوين الجنين. ويستحسن أن يراجع المترجم بحوث الأستاذ جوليان هكسلي في