للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مصلحة الجماعة وفائدتها. ذلك هو التضامن وهو الذي يقول فيه الحديث الشريف (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً) ولقد أصبح هذا الخلق ضرورياً لمختلف الطوائف لأنه من الأمور التي يبنى عليها نجاحها في معترك الحياة، وإن طوائف العمال في مختلف الممالك لم تنجح النجاح الباهر الذي أدى بها إلى تسلم مقاليد الحكم كما حصل في إنجلترا إلا بتضامنها وتعاونها وتساندها. وإن في اشتراك جماعات الطلبة في عمل واحد لا يقوى عليه فرد واحد منهم كما هو الحال في معظم أنواع الألعاب الرياضية لطريقة ناجعة تعودهم هذا الخلق المفيد. تلك هي الأخلاق التي يجب على كل والد أن يتولى غرسها في ولده، كما يجب على كل مدرسة أن تتعهدها وتنميها وتشجعها في أبنائها. وإنه لما يؤسف له حقاً أن المدرسة الحالية توجه أشد عنايتها إلى الكتب ودراستها والمناهج واستيعابها وملء عقول التلاميذ بمحتوياتها ليؤدوا فيها الامتحان المطلوب منهم في آخر العام من غير أن تعنى العناية المطلوبة بتكوين النشء التكوين الخلقي الذي تتطلبه الحياة. يقول صميلز في بدء كتابه عن الأخلاق (الأخلاق من أمهات القوى في هذا العالم. وهي في أبهى مظاهرها تمثل الطبيعة البشرية في أرقى أشكالها. لأنها تظهر الإنسان وهو في أرقى خلاله، ثم إن النوع البشري خاضع مسخر للرجال ذوي الكد والاستقامة المتشبعين بالأخلاق الراقية والأغراض الصادقة الخالصة، لأن الاعتقاد في مثل هؤلاء والثقة بهم والتشبه بأعمالهم غرائز في النفس. أولئك هم دعائم ما في هذا العالم من خير، ولولاهم لكان الوجود في هذا العالم عبثاً، ولئن كانت العبقرية تحرك الإعجاب فإن الأخلاق ضامنة التوقير والإجلال. ذلك أن هذه منشؤها قوة العقل، وهذي منشؤها قوة القلب، والقلب عادة صاحب السيطرة في الحياة. فالعبقريون في المجتمع بمنزلة الذهن من الإنسان، وذوو الأخلاق بمنزلة الذمة. وبينا أولئك يعجب بهم إذ هؤلاء يهرع إليهم) وقال أيضاً: (كم من أناس لا يملكون من الدنيا سوى أخلاقهم، وهم بفضلها كصاحب التاج المدل بتاجه، وليست طهارة الأخلاق وحسنها من مستلزمات ذوي العقول المثقفة بالمعارف. فقد يجتمع التفوق العقلي والأخلاق السافلة فيذل المتعلم المثقف لذوي المقامات الرفيعة. ثم يتغطرس على ذوي المنازل الوضيعة) وقال جورج هربرت: (قليل من الحياة الصالحة خير من كثير من العلم والمعرفة) ثم قال صميلز في موضع آخر) ليس الاستعداد العقلي ولا التفوق الذهني بنادرين في العالم، ولكن هل

<<  <  ج:
ص:  >  >>