للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- لدفاعهم عن رجل ميت - عند عوام القراء والأدباء في هذا البلد وهم بحمد الله كثيرون؛ ويكسبهم - كما يريدون - سمعة الدفاع عن الدين، وأتباعه بالملايين في مصر والبلاد العربية؛ ويكسبهم محبة الأسلوبيين والعاجزين عن التحليق في الأجواء الفنية العالية، وهؤلاء يكونون تسعين في المائة من القراء بل من الأدباء، ولا يتعرضون لخطر واحد مما يتعرض له أنصار العقاد

أما الدفاع عن العقاد فيكلفني التعرض لغضب الكثيرين من ذوي النفوذ في هذه الوزارة وفي كل وزارة، ومن بينهم كثير من رؤسائي في وزارة المعارف نفسها، لأن العقاد رجل لم تبق له قولة الحق صديقاً من السياسيين، وكثير ممن يظهرون صداقته يكنون له غير ذلك لأنهم ينفسون عليه شموخه واعتداده بنفسه وتعاليه على الضرورات

ويكلفني خصومة الأدباء من المدرسة القديمة والحديثة على السواء. فأما أولئك فسبب سخطهم معروف، وأما هؤلاء فلأنهم ينفسون على العقاد أن يعطيه ناقد بعض ما يستحق من تقدير، ومن لا يعرف هذه الحقيقة فأنا - وقد أتاحت لي الظروف الإطلاع على داخلية كثير من الصحف والأدباء - أعرف ذلك وأعرف أن الكلمات التي يقدر فيها العقاد لا تجد طريقها سهلاً للظهور في الصحف على اختلاف أهوائها ونزعاتها السياسية، واختلاف المشرفين عليها من الأدباء وغير الأدباء

ويكلفني خصومة كثير من ناقصي الرجولة - وهم أعداء العقاد الطبيعيون - وكثير من ناقصي الثقافة الذين لا يفهمون العقاد فيحملونه تبعة عدم فهمه ولا يكلفون أنفسهم عناء الدرس والثقافة. وكثير من مغلقي الطباع الذين يستغلقون أمام كل أدب حي. وكثير وكثير ممن يؤلفون أكثرية القراء في هذا البلد المنكوب. . .

وقد يفهم هؤلاء النفعيون أن للعقاد الآن نفوذاً ننتفع به؛ فلهؤلاء أقول: إن للعقاد نفوذاً نعم، ولكنه لا يستخدمه في قضاء المصالح وتنفيذ الأغراض، إنما يحتفظ به لنفسه في إبداء آرائه، واستقلال شخصيته، وتحطيم من يستحق التحطيم وبناء من يستحق البناء

وذلك بغض النظر عن طبيعتي الخاصة في الانتفاع بنفوذ الأصدقاء، ذلك الانتفاع الذي يبدو غير مفهوم، حينما كنت أناصر العقاد وهو خصم الوزارات القائمة، وأوقع على ما أكتبه بإمضائي الصريح، في أحرج الأوقات

<<  <  ج:
ص:  >  >>