للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فخرافة الموتى والأحياء لا يرددها هؤلاء، إلا كما يرددها الأميون والعوام

وقد استكثر مندوبهم الأخير أن أقول: إن العقاد انتصر على الوفد وعنده عدة المال وعدة الحكم وعدة الماضي الوطني وكل عدة تؤهل للنجاح.

والذين يعيشون في ظلام الجحور يحق لهم أن يعجبوا لهذا الكلام. أما الذي وقف على صنوف محاربة الوفد للعقاد وهو في إبان سطوته، وعرفوا أنها لم تقف عند الخصومة الشريفة في سلاح ولا وسيلة، والذي يذكر الظروف التي خرج العقاد فيها على الوفد وما تلاها، فإنما يعلم أنني اقتصدت في هذا المقال!

الذي يعلم أن هذه الخصومة وصلت إلى حد محاربة العقاد في اللقمة، فلم تكتف بمحاربة الصحف التي يعمل فيها حتى يكف عن الكتابة الشهور الطوال، بل كانت تدفع لأصحاب المكتبات مئات الجنيهات حتى لا تبيع كتاباً للعقاد، وأي كتاب؟ إنه كتاب سعد زغلول الزعيم الأول لهؤلاء الخصوم؟

والذي يعلم أن هذه الخصومة هاجت وماجت لأن العقاد ألقى محاضرة من محطة الإذاعة الحكومية - على عهد الوزارة الصديقة - ولأن هناك مبلغاً يدفع قيمة لهذه المحاضرة، فأما أن تكف المحطة عن محاضرات العقاد وإما أن تعاقبها الحكومة بإهمال تحصيل الضريبة!

والذي يعلم أن هذه الخصومة كانت تلجأ إلى أصدقاء العقاد لتتخذ منهم جواسيس عليه وتدفع لهم ثمن هذه الجاسوسية علاوات وترقيات ومكافآت، فلم يسلم من هذا الأغراء إلا القليلون من خواص العقاد!

الذي يعلم هذا وساوه، ويعلم أن العقاد خرج والوفد في عنفوان قوته الأدبية والمادية، وجرؤ على ما لم يجرؤ عليه إنسان قبل، فحطم قداسة الأصنام، ولقح هذا الجسم الضخم بجراثيم الفناء التي ظلت تعمل عملها حتى خرّ بعد ذلك في الميدان

الذي يعلم كل ذلك لا يستكثر ما قلت، إلا أن يكون كصاحبنا يعيش في صومعة لا ينفذ إليها الضياء

وحكاية الدين والأدب، التي لج فيها، وجعلها محور الحديث، وقد تهكمت عليها من قبل، لأنها لا تناقش بغير التهكم، فأريد أن أفهم إذا نحن سرنا على هذه القاعدة العجيبة، وأسقطنا من حسابنا الأدب غير الديني في الأدب العربي كله، ماذا يبقى لنا بعد ذلك من هذا التراث

<<  <  ج:
ص:  >  >>