هم الكسالى الظرفاء الذين حرمهم الله نعمة البلاه بأقذاء العيون تحت أضواء المصابيح.
ينقسم هذا الكتاب إلى قسمين: التصوف في الأدب، والتصوف في الأخلاق.
وقد كان هذا الموضوع فيما يظهر غامضاً أشد الغُموض، فقد طلب مجلس الأساتذة بكلية الآداب أن نقدم له مذكرة نشرح بها الغرض من هذا الكتاب ليقبل أو يرفض جعله موضوع رسالة لامتحان الدكتوراه. وقد أجبنا يومئذ بأننا نريد أن نبين كيف استطاع التصوف أن يخلق فنّاً في الأدب ومذهباً في الأخلاق، وهو موضوع يستحق الدرس بلا جدال.
وكان مجلس الأساتذة على حق، فقد كنا في حيرة مظلمة الأرجاء، وكنا لا ندري كيف نتوجه، وكل ما كنا نملك حينذاك هو الإطلاع على العناصر وتصور ما لها من أهمية لو وضعت في نظام واضح مقبول.
ولكن السبيل إلى ذلك كان في غاية من العسر والصعوبة، فقد كنا جمعنا ألوفاً من الجذاذات لا ندري كيف نربط بعضها ببعض، وكيف نسوي منها رسالة للدكتوراه في الفلسفة تستوفي الشرائط الجامعية.
وتجسم الخطر حين نظر المؤلف فرآه يخترق المصاعب وحده بلا هادٍ ولا معين، فقد كان ظفر بإجازة الدكتوراه قبل ذلك مرتين، مرة من الجامعة المصرية ومرة من جامعة باريس، وكان ذلك كافياً لأن ينصرف عنه الأساتذة ويتركوه يكتب ما يشاء كيف شاء.
ولكن أولئك الأساتذة الذين اعتمدوا على كفايته العلمية لم يتركوه بلا حساب، فقد تدخلوا في تصميم الرسالة وخرّبوها بأيديهم مرتين، فخرج منها كتاب نشر منذ سنين هو كتاب (المدائح النبوية في الأدب العربي)
والشر قد يكون باباً من الخير في بعض الأحيان.
نوقش هذا الكتاب بجلسة علنية في مساء اليوم الرابع من أبريل سنة ١٩٣٧
ناقشته لجنة عنيفة قهرت المؤلف على التواضع، وهو خلقٌ لم يعرفه من قبل، واقترحت أن يحذف أشياء وأن يضيف أشياء.
وقد رجع المؤلف إلى الكتاب فنظر فيه من جديد وأضاف إليه طائفة من الفصول في الأدب والأخلاق، وحرر بعض الهوامش التي تحدد ما كان يحتاج إلى تحديد في بعض المواطن،