علاج ما يمكن علاجه من أحوالنا الاقتصادية والاجتماعية
وإذا كانت سماء مصر ملبّدة بغيوم الأخطار الخارجية والمصاعب الداخلية، فجدير بنا ألا نرهب هذا أو نخشاه، ولنطمئن على كل حال إلى ما في قلوب المصرين من عزم وشهامة وإخلاص في خدمة الوطن. ولقد اتفق أول عهد مليكنا المحبوب مع شروق شمس الاستقلال الوطني الذي قضى الشعب المصري قروناً يتطلع إليه، فأصبح عهد (فاروق الأول) حلقة اتصال بين مفاخر مصر القديمة وآمال مصر الحديثة، والله نسأل أن يهدينا سبيل التقدم والفلاح.
- ٢ -
وقال الدكتور زكي مبارك:
الحمد لله الذي هدانا لها، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
أما بعد فهذا كتاب التصوف الإسلامي، وهو كتاب شغلت به نفسي نحو تسع سنين، وأنفقت في تأليفه من الجهد والعافية ما أنفقت، في أعوام لو ابتلي بمثلها أصبر الصابرين وأشجع الشجعان لألقى السيف وطوى اللواء، فقد كنت في حرب مع الناس ومع الزمان، ويا ويح من ابتلته المقادير بإفك الناس وغدر الزمان!
ولكن الله عز شأنه لم يخلق الشر إلا لحكمة عالية، فقد قويت عزيمتي بفضل ما عانيت في حياتي من ضروب الاضطهاد، واستطعت أن أقيم الدليل على أن الظلم قد يعجز عن تقويض عزائم الرجال.
وهل كان من هواي أن أسرف على نفسي مثل الذي أسرفت فأقضي عشرين سنة في الحياة الجامعية بين القاهرة وباريس كانت كلها نضالاً في نضال؟
هل كان من هواي أن تخلو حياتي من الهدوء والطمأنينة فلا أُصبح ولا أُمسي إلا في عراك وكفاح؟
هل كان من هواي أن انتهي إلى ما انتهيت إليه فلا يكون لي من نعيم الحياة إلا ما أُصوره بقلمي من حين إلى حين لأوهم نفسي أني أعايش الأحياء؟
تباركت يا ربي وتعاليت! فلولا لطفك وتوفيقك لما استطعت بفضل الجد أن ألقي أهل زماني بالاستطالة والكبرياء.