أني لا أشك في أمنية كل شاب أن يصير بطلاً كأولئك الأبطال مما يحفزه في أن يسير سيرتهم وينهج نهجهم. بهذا العمل لا نكون قد حققنا غرضاً واحداً، بل عدة أغراض، إذ نعود الطالب الاعتماد على نفسه في البحث والدرس كما نعوده تذوق الفقراء والمطالعة واعتيادها، وحصر أوقات فراغه فيها، ونغرس فيه فوق ذلك حب البطولة وتقديرها والسعي المتواصل إليها. ويا حبذا لو عملت المدرسة من ناحية أخرى على تحبيب تلاميذها في الفنون الجميلة من موسيقى وتصوير وشعر، وذلك بأن يدرس المشرف صاحب سجل التلميذ ميول التلميذ منذ بدء اتصاله بالمدرسة واتجاهه، ثم يحاول أن يقوي فيه تلك الميول حتى يتجه به إلى أحد هذه الفنون فيسير في تعلمها لأنها لا تربي في الإنسان الذوق السليم فحسب، ولكنها تصرف الشاب عن الاتجاهات الفاسدة وتجعله يعرف كيف يقضي أوقات فراغه في هويته التي جذبته إليها من غير أن يتأثر بقرناء السوء أو يفكر في غير اللهو البريء لا اللهو الفاسد الذي يجر كثيراً من الشبان إلى الدمار والهلاك
إذا قامت المدرسة بكل ذلك، ولن تقوم به إلا إذا تخلصت من قيودها الحالية، فإنها تكون قد حققت الغرض الأسمى من وجودها لأنها أحاطت أبناءها بسياج متين من الأخلاق الفاضلة وأعدتهم إعداداً حسناً للكفاح الدائم، والنضال المستمر المنتج في الحياة، ذلكم الكفاح والنضال اللذين يكونان الرجال ذوي العقول المثقفة والضمائر الحية، والأخلاق الطاهرة القويمة، ما يكفل لهم النجاح في أعمالهم والنهوض بأمتهم. وليس للأمة عدة تتكئ عليها في هذا السبيل غير المعلمين الأكفاء الأمناء الذين يقدرون واجبهم تمام التقدير ويسهرون على أدائه خير أداء تعاونهم في ذلك الأمهات المثقفات العارفات بطرق تنشئة الأطفال على الفضيلة وقيادتهم قيادة صحية إلى الحياة الفاضلة السامية. ولن يتوج هذا النجاح إلا بسهر الحكومة سهراً فعالاً على حماية أبناء البلاد وعنايتها بناشئتها ومعونتها المنزل والمدرسة معاونة صادقة في سبيل الطهر والفضيلة وواجبها المحتوم في ذلك يقضي عليها بأن تسن تشريعاً خاصاً يحرم على الأطفال والشبان قبل سن محدودة ارتياد محال اللهو والمقاهي العامة ومحال القمار وغيرها مما يفسد الأخلاق ويقضي عليها إذا كانت لا تستطيع أن تقضي على المحال المفسدة وتحمي جمهور الشعب من مفاسدها. وواجبها المحتوم يقضي عليها أن تنشئ مراكز متعددة للألعاب الرياضية في مختلف جهات المملكة يلتحق بها