أبنائها فجدير بها أن تخص المبرزين من تلاميذها في كرم الخلق والحدب على الضعيف والعطف على البائس المسكين.
وأن تخض أقوم التلاميذ أخلاقاُ وأكثرهم رجولة. جدير بها أن تخص هؤلاء أيضاً بالتشجيع وأن تمنحهم الجوائز والمنح تشجيعاً لذوي الأخلاق الفاضلة وتنبيهاً لغيرهم إلى ما تستحقه تلك الأخلاق من تكريم وتقدير. وليكن لنا في قرين الملكة فكتوريا أسوة حسنة. فلقد كان رجلاً طيب القلب، طاهر الفؤاد، يقدر الأخلاق الكريمة حق قدرها فكلن كلما قرر مكافأة سنوية لمعهد من المعاهد جعلها لأرقى الطلبة خلقاً، ولمن يؤمل فيه أن يكون رجلاُ كبير القلب طاهر الفؤاد عظيم الشمائل، ولم يكن يجعلها لأذكى الطلبة أو أنبههم أو أكثرهم مدارسة للكتب، أو أنبغهم في العلوم
ثم إن على المدرسة بعد هذا وذاك أن تحبب أبناءها في القراءة ومدارسة الكتب وتذوق ما في بطونها. وعليها أن تتخير لهم الكتب المناسبة لعقولهم فتكثر للأطفال من القصص الصغيرة المليئة بحوادث التضحية والبطولة وأبطال الرجال وقادتهم، وأن تضمنها ما كان لعظيم أخلاقهم من سر في بطولتهم. فلكم يحلو للطفل أن يحدثه أستاذه أو كتيبه عن بعض المواقف العظيمة في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو عمر بن الخطاب، أو عمر بن عبد العزيز. وكم يحلو له أن يقرأ شيئاً عن مصطفى كامل أو سعد زغلول، أو جان دارك، أو غاندي، أو غيرهم من الأبطال المليئة حياتهم بالنوادر والقصص اللطيفة التي تحفز الطفل إلى التقليد والنسيج على ذلك المنوال فيشب معجباً بأعمال البطولة النادرة ويتمنى في نفسه دائماً لو أتيح له أن يكون كواحد من هؤلاء الأبطال. ولا شك أن هذا يدفعه في شبابه بل طول حياته إلى الأعمال العظيمة، كما أنه يحول بينه وبين كل رذيلة أو عمل حقير. وفي المدرسة الثانوية يجب أن يكون في صلب جدولها درسان على الأقل أسبوعياً للمكتبة لكل طالب يكلف فيها بحث إشراف مدرسه بدراسة تاريخ حياة بطل من الأبطال ليكتب عنه ويحاضر فيه إخوانه ويسمر معهم متحدثاً عن سيرة بطله وأعماله ونوادره وأحواله. وفي بطون التاريخ كثير من الأبطال السياسيين وغير السياسيين من المستكشفين والمخترعين وجبابرة العقول والفلاسفة. ولا شك في أن متابعة سير هؤلاء ومدارسة أحوالهم من أشهى وألذ ما يخاطب به عقل فتى تستهويه البطولة والعبقرية، كما