لنا سوى اليوم الذي نعيش فيه
إن جريمتنا هي أننا بشر، فينا فضول المعرفة.
ولكن الجهل والخضوع هما قانونا هذا الوجود.
بيرون! إن هذه الكلمات قاسية عليك.
ولكن لم التراجع أمام الحقيقة؟
إن شرفك أمام الإله هو أنك صوغ يديه، فاشعر واخضع في سجنك المقدس
أنت ذرة محمولة، تموج في هذا النظام العالمي، فتمم إرادته بطاعتك، لأنك مخلوق بارادته، وحياتك تمجد هذا الوجود الذي تموت فيه، حيث مصيرك.
أواه بعيداً عن الاتهام. قبل ذلك الرسف الذي تحاول تحطيمه، واهبط من صفوف الآلهة التي تذهب جرأتك، فالكل جيد، والكل جميل، والكل عظيم في مكانه. ففي ناظر خالق الوجود نحوي الحشرة عالماً بنفسها
- ٤ -
ولكنك تقول إن هذا القانون يثير عداءك، ولا يعدو في نظرك عن هوى غريب، وشرك نصب ليكبو العقل في كل خطوة يخطوها.
لنعترف بذلك يا بيرون دون أن نحاكمه.
ما أشبهني بك. فعقلي انغمر في الظلمات، ولكن ليس علي أن أشرح لك حقيقة العالم، فالذي أبدع الوجود يلقنك الدرس الوافي.
كنت كلما سبرت عمق الهوة ضعت في فيافيها.
وفي هذه الدنيا لم أر سوى الألم يرتبط بالألم، والنهار يتبع سير النهار، والشقاء يلازم ظل الشقاء، والإنسان السخيف بطبيعته، اللامتناهي بنذوره، إله زل من عليائه، يفكر في سمائه.
حرم مجده القديم، فاحتفظ من مقدراته الضائعة بالذكرى
وغور ميوله السحيق يتنبأ عن عظمته المقبلة.
إذا علا أو سفل، فالإنسان سر عميق.
مقيد في سجن الحواس، على هذه الأرض. أسير يشعر بان له قلباً ولد يتنشق نسيم الحرية.
فياله تعساً يتعلل بالأماني.