للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال مفتتحاً:

أشكو إلي قلبك يا سيدي ... قلباً ثوى في حظي الأسود

أطلقته طفلاً ولما نما ... أصبح محتاجاً إلى مرشد

وقال:

فارس، ما للحر من راحة ... في وطن يرتاح للأعبد

ويل الشباب الغض من قلبه ... إذا أضلوه ولم يهتد

يا شاعر الآلام هذا دمي ... ذويته شمعاً على معبدي

هذي شكاتي يا خطيب العلى ... أرفعها للرجل الأوحد

وجدت في نفسك ما لم أجد ... في أنفس مخمدة هجد

لامست في أناتها ثورة ... أخمدت النار ولم تخمد

هذه الأبيات يزفر بها صدر فتى لم يبلغ العشرين، فيها شرارات من اللهيب المندلع اليوم من كل بيت يرسله أو شبكة، وإنني لأغتفر له الآن إغراقه في وصفي بالرجل الأوحد لأنه كان وهو يتلفت إلي في ثورته يناجي ما كمن في نفسه من مُثل يهفو إليها

وقبل أن أعرض لديوان (أفاعي الفردوس) أرى أن أقف عند قصيدة الحجر الحي التي أنشدها صاحب هذا الديوان أمام تمثال المغفور له (فوزي المعلوف) في حفلة إزاحة الستار عنه في السنة الماضية، فأقتطف منها نماذج لاستقرار الإلهام وتطور البيان

أطبق جناحيك معقوداً لك الظفر ... فقد وصلت وشوط المجد مختصر

ما ضر وكرك أن تأتيه منطفئاً ... ما دام قلبك في جنبيه يستعر

عيناك في الحجر المصبوب ساهرة ... يقظانة فيهما أحلامك الغرر

تواجه الليل هول الريح صاخبة ... ما ضرك الذئب جوعاناً ولا النمر

نيران عبقر في عينك إن مردت ... هوج الدجى فعلى عينيك تنصهر

مهما طغى الليل لا تشقيك زوبعة ... إلا على جانبي وقبيك تنصهر

يقظان والناس عمى في مراقدهم ... سيان ناموا على ذل أم احتضروا

عار علينا تنام الليل هانئة ... عيوننا وعباب الليل معتكر

لم يبق من رومة إلا صغائرها ... ومن قياصرها إلا دمي كسر

<<  <  ج:
ص:  >  >>