رفعت عنك ستار الناس منتفضاً ... أيحجب الخلد من يفني ويندثر
هذي الستارة كانت في تشددها ... عليك آخر قيد شده البشر
كأنها وهي تنضى خلعة كذبت ... من الفناء لحاء عنك يقتشر
منذ ابن مريم والأكفان هاوية ... عن النبوغ وصخر القبر منحدر
كم في بلادك من نفس تود على ... وقاح عورتها أن تسدل الستر
وبيت الختام هو هذا:
لرب حيّ غدا في قومه حجراً ... ورب ميت غدا حياً به الحجر
هذا أنموذج من شعر أبي شبكة أخذناه من الأماليد ومن الجذوع وكلاهما صلب كالأرز ينقصف عوده ولا يلتوي
وإلى الشعراء الآن مقتطفات من ديوان أفاعي الفردوس، الديوان الحامل أسلوباً لا يمكن لأحد أن ينكر جدته وروعته.
وقد جاء أبو شبكة بطابع مستحدث في الشعر العربي سيبقي هو عميده الأول حتى في الزمن لذي سيكثر فيه أشياعه ويفوقون فاتح وهاتك أستاره
لم يشأ شاعرنا أن يتقدم بديوانه دون تمهيد نثري بسط فيه رأيه في الشعر فجاء بنظرات صائبات تسلسلت في درس عميق يطل فيه من شخصية شاعر حكيم له ثقافته واطلاعه الواسع وأحكامه كشرقي مستقل في مبادئه لا يؤخذ بالتيار الغربي الذي يجتاح إلهام عدد وفير من الشعراء في هذا العهد
اسمع أبا شبكة كيف يواجه مسألة الاستلهام في أوطانه:
(وإنني لأسأل ماذا ترانا نستطيع بهذا القاموس الضيق، هذا القاموس المتورد، نتشبث به للتعبير عن أعمق حقائق النفس فترفع الكلفة بيننا وبين اللغة ولا نتورع عن سلوك مهامه غائمة كأننا في حلم؛ وقد يخيل إلينا ونحن نسلك هذه المهامه أننا نسير في الطريق الشعري السوي بينما نحن في الحقيقة لا نحاول إلا الخروج عن أنفسنا مستعبدين لنظريات خاطئة بل مضرة تحرر منها حتى مبدعوها أنفسهم)
إلى أن قال مستنتجاً:
(فالمدارس الشعرية سجون، ونظرياتها قيود، والشاعر لا يعيش في جو العبودية هذا؛