للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد اعترفت بهذا الأكاديمية السويدية وقدرت هذه العبقرية الحية فذهبت تجوس خلال العالم وتفتش في قرية صغيرة في جنوب فرنسا لتخرج منها إلى الناس الفنان الذي عرف كيف يواجه الخطوب ويصمد زمناً في وجه العاصفة فيحتفظ - برغم فاقته المادية بتلك البهجة الموسيقية التي تواتينا رنانة خفاقة، والتي أمكنها بها أن يثبت للعالم أن العبقرية الروسية لم تغرق بعد وأن كانت السفينة قد غرقت بجميع ما فيها!

ظهرت أول أعمال بونين الأدبية في روسيا، عام ١٩٠١ وهي عبارة عن مجموعة أشعار نال عنها (جائزة بوشكين الأدبية) وانتخب بعد ذلك بأربعة أعوام عضوا (بالأكاديمية الروسية) حيث جلس مكان تولستوي وجوركي ودستويفسكي وغيرهم من أعلام الأدبالروسي.

وهو يجيد الإنجليزية إجادة تامة، وقد تعلق بدراسة الأدبالإنجليزي منذ حداثته، وترجم إلى الروسية أشعار كبلنج وتينسون وغيرها من الشعراء الإنجليز

وقد فر على أثر قيام الثورة البلشفية وتسجيل اسمه في القائمة السوداء إلى فرنسا حيث يقيم مذ ذلك الوقت في قرية (جراس) التي يخلص لها الحب برغم انتفاء المشابهة بينها وبين مسقط رأسه كما يقول!

ولأيفان بونين مسحة أرستقراطية في كتابته، ويستوي في أسلوبه الغموض والإبهام احيانا، ويتسم أدبه بدقة الملاحظة واستقصاء الفكرة، وانسجام الخيال، والتواء التعبير، وإسهاب الوصف مما قد يضجر القارئ ويدفعه إلى الممل والتبرم، وهو إلى جانب هذا؛ واقعي، كثير التهكم خاصة عندما يتعرض لوصف غباء الفلاحين من أبناء وطنه كما في روايته (القرية)، واكثر ما نلاحظه في فنه (ترديده ذكر الموت، ووصف الموت وحياة العزلة وروح التصوف التي يطالعنا بها بين سطور رواياته.

وايفان بونين اقرب إلى بوشكين في آدابه منه إلى تولستوي أو ديستويفسكي، ولذا يرتسم خطى بوشكين ويعده أستاذه، ونراه يعترف بهذا فيضع تمثاله الهادئ المفكر على عتبة روايته الجميلة (سر الحب المقدس)

وقد أشار إلى هذا الناقد الفرنسي جيروم تاردوفي خطابه عن (علاقة الأدبالروسي بالأدب الفرنسي المعاصر)، وذلك في الحفلة التي أقامتها أخيرا الجالية الروسية في باريس لتكريم

<<  <  ج:
ص:  >  >>