عليه، وبه تحقق حلم طالما منى الرئيس به نفسه، ورأى ذلك النجار - الذي وقف في صدر شبابه مرة في مدينة أورليانز يشهد سوق العبيد - نفسه يقضي على ذلك النظام فيعلن باسم حكومة هو رئيسها أن عبودية بعد اليوم المحدد وأن الشعب الأمريكي جميعه شعب حر، وأن أمريكا دولة حرة وأمة حرة
أعلن الرئيس كلمته وأدى رسالته، وشهد ابن الغابة اليوم الذي يقف فيه موقف الآمر الذي ينطق باسم شعب في أمر طالما شغل باله وبال الأحرار في ذلك الشعب، ورأى العالم نوعاً جديداً من الحركات الكبرى تؤثر في تاريخه وتضاف إلى سجله، حركة من تلك الحركات التي تنقل تاريخ الشعوب من فصل إلى فصل
وهزت البلاد من أعماقها فرحة عظيمة، وراح الناس يعلنون عن ابتهاجهم بالزينات ينصبونها والليالي يقيمونها ويملئونها بأفراحهم واحتفالاتهم ومظاهر حبورهم
وانهالت على الرئيس رسائل التهنئة والإعجاب يحملها البرق والبريد من أمريكا ومن خارج أمريكا. . . فلقد تلفتت أوربا تنظر ما تفعله الدنيا الجديدة للمرة الثانية من أجل الحرية، فهذه الدنيا التي ولدت الديمقراطية في القرن الماضي تئد العبودية في هذا القرن وتضع أسم رجلها وهدية إحراجها لنكولن إلى جانب أسم بطلها ومحررها وشنجطون الذي انتزع لها استقلالها بحد السيف من الغاصبين من أعدائها
والرئيس صامت لا يعرف البطر كما لا يعرف الخور؛ يتلقى تهاني المهنئين وكلمات المعجبين بحزمه في سكون وتواضع، وإنه ليحس ألا يزال بينه وبين يوم الراحة جهاد وجلاد يرى مظهرهما تلك الحرب التي ما فتئ يتزايد سعيرها. . .