نحب أن يقولها اليوم أحد ليلحد في كفاية طائفة من أهل العلم والدين هم أكرم علينا. . .!)
قالها الرافعي في حماسة وانفعال وفي لهجة خطابية صارمة، فسمع المجتمعون همهمة عن يمينه وشماله، أما عن يمينه فكان للشيوخ الثلاثة قد آذاهم ما قال الرافعي، وأما عن الشمال فكان طائفة من المدرسين غير الشيوخ في الأزهر قد خافوا أن تؤول كلمة الرافعي تأويلاً ينالهم بالشر من إخوانهم الأزهريين. . .
وعلى أن الرافعي كان بريء الصدر فيما قال، ويعلم الأزهريون قبل غيرهم أن هواه معهم، وعلى أن صدر كلامه وخاتمته لم يكن فيه ما ينبئ عن قصد الإساءة، فان هذه الكلمة التي قالها قد أحدثت دوياً بين الأزهريين تهدد الجماعة في نشأتها
وسعى ساع إلى شيخ الجامع الأحمدي (المرحوم الأستاذ محمود الديناري) فأنباه أن الرافعي قد قال في خطبته: (لو قعد حماري في الأزهر بضع سنين لخرج أعلم من شيخ الأزهر. .!)
وكتبها كاتب في رسالة خاصة إلى الأستاذ الجليل الشيخ محمد الأحمدي الظواهري شيخ الجامع الأزهر. . .!)
وتسامع بها الشيوخ على ما حكاها الراوي فراحوا يتناولون الرافعي وجماعته بما وسعهم من التجريح في أعراضهم ودينهم ومقاصدهم، وقال قائل منهم:(وما حاجتنا إلى هذه الجماعة فيما تدعو إليه؟ لقد انتشر الإسلام ومد ظلاله في العالم على حد السيف فما يغنى غناءه في هذه الدعوة كاتب يكتب أو خطيب يخطب!) وامتدت هذه المقالة الطائشة على لسان طائفة. . .
وعرف الطلاب من الأمر ما عرفوا فأعلنت طائفة منهم الحرب، وسعتْ طائفة في وفد إلى مدير المديرية تطلب إليه أن يقمع هذه الفتنة بسلطانه، واصطبغت المشكلة صبغة سياسية
كان للأزهريين يومئذ في السياسة دولة وسلطان. . .
وإذا اتصل الأمر بالسياسة فقد فزع طائفة من الموظفين المنتسبين إلى الجماعة فآثروا البراءة منها على الدفاع عنها، وأشفقت طائفة على مصير الجماعة فأوفدت وفداً إلى الأستاذ الديناري شيخ الجامع يحقق له الرواية ويبدد سوء الظن ويعتذر. . . ولكن شيخ الجامع رد الوفد رداًّ غير جميل وقال عن الرافعي ما قال. . .