بآلة حديدية أو خشبية أو زجاجية، وليس مما يصنع أو يباع. هذا حلم لم يتحقق بعد، وأن لم يكن مستحيلاً. الأرواح لا يناسبها إلى اليوم غير الجهاز المخي العصبي العضلي وهو الجسم البشري. ولذلك لا تستطيع أن تتصل بنا إلا باستخدام جسم بشري لشخص يسمونه الوسيط.
فما هو الوسيط؟ وهل يستطيع كل إنسان أن يكون وسيطاً؟ أم هل الوساطة وقف على أفراد معينين؟ يقولون أن الوساطة صفة مجهولة السبب. وأنها من ضروب العبقرية، كالقدرة على الغناء الشجي عند المغني الموهوب، وكالبراعة في الشعر عند الشاعر الفحل. وكما أن كل واحد منا لا يستطيع أن يكون مغنياً أو شاعراً ممتازا، فكذلك لا يستطيع كل منا أن يكون وسيطا. والوساطة كالغناء والشعر متى وجدت بذرتها في الشخص يمكن تقويتها وتغذيتها وإنماؤها بالتعليم والمران، كما يمكن أضعافها وأماتتها بالإهمال والكبت والانصراف عنها إلى غيرها. وهم يقولون أن الوساطة موجودة في عدد من الناس أكبر بكثير مما نتوقع، ولكنها تهمل في الأغلبية العظمى من الحالات. فتموت من تلقاء نفسها إذا كانت ضعيفة، وتحسب شذوذا نفسانيا أو خلقيا أو مرضاً عصبيا إذا كانت قوية
الوسيط كعامل التلفون تذهب إليه وتطلب منه أن يصلك بالعالم الآخر فينيلك ما تريد. كيف يقوم الوسيط بهذا العمل الغريب وعلى أي صورة يؤديه؟ الوسطاء يختلفون في أداء مهمتهم، فمنهم من وهب القدرة على الكشف البصري فهو يرى الأرواح كما يرى الأشباح. ومنهم من لديه خاصة الكشف السمعي فهو يسمع حديث الأرواح وينقلها إلى الأحياء. ومنهم من تستولي الروح على يده وتكتب بها ما تريد دون أن يكون لفكر الوسيط دخل فيما يكتب. ومنهم من يغيب عن رشده ويسلم جسمه كله للروح فتستخدمه كما كانت تستخدم جسمها في حياتها الأرضية.
والوسيط يتناول بطبيعة الحال أجرا لقاء ما يؤدي للناس من خدمة يصرف فيها الوقت والمجهود. لأنه ككل الناس لابد له من أن يعيش. بل هو جدير بالأجر الحسن والعطاء السخي. ولكن أنى لنا أن نثق بصدقه ونطمئن إلى صحة دعواه الخطيرة. ولم لا يكون محتالاً ماكرا يعيش بالادعاء على الموتى وتغفل الأحياء.
لا شك أن مجال الاحتيال واسع في هذا الميدان، وهناك حتما مدعون للوساطة يكسبون من