هنا القاهرة
أليس كذلك؟
بلى، وأنتم جميعاً تعرفون!
كنا نسمع في عهد الطفولة أن الشياطين تقَّيد في رمضان، ثم يحل وثاقها بعد ذلك
ولكن وزارة الأوقاف أو مشيخة الأزهر في مصر تعرف أن الشياطين تنجو من الأصفاد والأغلال في مكان واحد: هو القاهرة، ومن أجل ذلك يترك الوعاظ أعمالهم في الأقاليم التي قيدت فيها الشياطين ويفدون للوعظ في مساجد القاهرة التي لم تقيد فيها الشياطين
وإنما كان الأمر كذلك لأن القاهرة مدينة عظيمة جداً من الوجهة الاقتصادية. والعظمة الاقتصادية هي الأساس لجميع المشكلات، وهي مصدر الحروب، وهي مثابة الشياطين
وعند النظر في هذه الدقائق نعرف كيف فطنت وزارة الأوقاف إلى سَوق الوعاظ إلى القاهرة في أيام رمضان
ولكن هل شعرت الجمارك بأقوال الوعاظ في رمضان؟
وهل يسر الحكومة أن تشعر الجمارك بأقوال الوعاظ في رمضان؟
ليتني أملك حرية التعبير عما أريد أن أقول!
لو كنت أملك حرية التعبير لقلت: إن في مقدور الحكومة أن تراقب الجمارك في شهر رمضان، ولو فعلت لاستراح الوعاظ من محاربة الشياطين في رمضان
ولكن الحكومة لن تفعل، لأن هناك شيطاناً يصدها عن ذلك هو شيطان المدنية الذي يجعل حرية التجارة من الشرائع. وهذا الشيطان الأعظم هو الذي جعلنا نُزهَى ونختال كلما تذكرنا أن القاهرة أعظم مدينة في الشرق
أترك هذه الفلسفة وأشرع في كلام آخر قد ينفع بعض النفع
أنا أقضي العيد في القاهرة، وهي أول مرة أعرف فيها ملاعب القاهرة في العيد
فقد كنت في الأعوام السوالف أقضي العيد في سنتريس قبل أن يرزأني الدهر بموت أبي، ثم شاءت المقادير ألا أعرف العيد فيما عدا ذلك إلا في باريس وبغداد، فقد دخلت باريس أول مرة في يوم عيد، ثم خرجت منها بعد أداء امتحان الدكتوراه في يوم عيد، وأنا أواجه العيد في القاهرة بعد عيدين قضيتهما في بغداد. . .