للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أما بعد فقد انقضت أيام العيد، وبقيتَ يا قلبي بلا عيد

أين أيامك يا قلبي وأين لياليك؟

وما حظك من هذه المدينة التي تموج بالسْحر والفتون؟

أكل حظك أن يطوف بك العقل حول هذه الأشواك؟

ليت عهدك بالغواية كان طال، وليت الأقدار رحمتك من ثورة العقل في هذه الأيام!

كتب عليك يا قلبي أن تعيش بين أدغال المدنية، حيث لا يحنو قلب على قلب، ولا يأنس روح بروح، ولا تأتلف نفس مع نفس، إلا بروابط وثيقة من أصول المنافع، وآه ثم آه من عصف المنافع بأهواء القلوب!

أتراني غدرت بك، أيها القلب؟

أحذر أن يمرّ هذا في وهمك، فما كنت إلا أكرم صاحب وأشرف صديق

وهل غدرتُ بأحد حتى أغدر بك؟

لقد عانيتُ في سبيلك ما عانيتُ فطوَّفتُ بالمهالك والمعاطب لأروى ظمأك المشبوب، ولأريك مطالع الأهلة في القاهرة والإسكندرية وباريس وبغداد

وما زلتُ أتلطف بك يا قلبي وأترفق، وهل صادقتُ من صادقت من كبار الكتاب والشعراء إلا لأزفْ إلى حِماك كرائم المعاني؟

ولكنك - مع فضلي عليك - تلقاني باللؤم في بعض الأحيان

وإلا فما هي حجتك في الهيام بعروس الزمالك؟

عرفتُ حجتك يا قلبي، أنت تريد أن تصدني عن الحتف الذي ينتظرني في البلد الذي أعرف وتعرف

أنت تريد أن تصدني عن (الحبيبة الوفية) التي ترسل بعض جدائلها المعطرة في كل خطاب ولم تظفر مني بجواب، شكر الله فضلها الجميل وعفا عني

عرفت حجتك يا قلبي، فأنت تريد أن تقول:

ويحسبُ نسوانٌ من الجهل أنني ... إذا جئتُ إياهن كنتُ أريدُ

فأقسم طرفي بينهن سَوَّيةً ... وفي الصدر بونٌ بينهن بعيدُ

أتريد أن تقول ذلك؟ وكيف وأنا أحب معك عروس الزمالك؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>